للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كانت غزوة بدر في رمضان لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، وقيل: يوم جمعة صبيحة سبع عشرة منه، وقيل: صبيحة أربع وعشرين منه، وكان المسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر.

قلت: الراجح القول الثاني، وخرجت الأنصار معه صلّى الله عليه وسلّم فيها، ولم تكن قبل ذلك خرجت معه، ومعهم ثلاثة أفراس، وكان المشركون ألفا، ويقال، تسعمائة وخمسين رجلا معهم مائة فرس، وهذه بدر الثانية لما تقدم، والله أعلم.

ثم قتل عمير بن عدي الخطمي العصماء امرأة من الأنصار، وهي زوج يزيد الخطمي، كانت تؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الشعر، فقتلها، ثم جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا ينتطح فيها عنزان» .

قلت: قال في الاكتفاء: إن العصماء هذه نافقت لما قتل أبو عفك (بالفاء وإهمال أوله) وقالت شعرا تعيب الإسلام وأهله، وتؤنب الأنصار في اتباعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإن عميرا رجع إلى قومه بعد قتلها يومئذ كثير موجهم «١» في شأنها، ولها بنون خمسة رجال، فقال: يا بني خطمة، أنا قتلت بنت مروان، يعني العصماء، فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، فذلك اليوم أول ماء الإسلام في دار بني خطمة، وكان يستخفي بإسلامه فيهم من أسلم، ويومئذ أسلم رجال منهم لما رأوا من عز الإسلام، انتهى. والذي رواه ابن سيد الناس عن ابن سعد أنه قال بعد ذكر قتل عمير للعصماء: ثم في شوال كانت سرية سالم بن عمير إلى أبي عفك اليهودي، وكان أبو عفك من بني عمرو بن عوف شيخا قد بلغ عشرين ومائة، وكان يحرض على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويقول الشعر، فقال سالم بن عمير وهو أحد البكائين وممن شهد بدرا: علي نذر أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه، وذكر قتله إياه، وهو مخالف لما قدمناه عن الاكتفاء من تقديم قتل أبي عفك على قتل العصماء، وذكر ابن سعد أيضا أن قتل العصماء كان لخمس ليال بقين من شهر رمضان، وأن عميرا كان ضرير البصر، وسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البصير، قيل: وكان أول من أسلم من بني خطمة، وكان إمام قومه وقارئهم، وكان يدعى «القارئ» ، والله أعلم.

ثم خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل الفطر بيومين يعلّم الناس زكاة الفطر.

قلت: وقيل: في أول شوال، وصلّى صلاة الفطر، وفيها فرضت زكاة الأموال أيضا، وقيل: في الثالثة، وقيل: في الرابعة، وقيل: قبل الهجرة، وثبتت بعدها، والله أعلم.

ثم غزا بني قينقاع في شوال.


(١) ماج القوم: اختلفت أمورهم واضطربت.

<<  <  ج: ص:  >  >>