للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة، وقالوا: إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف، فبعثهم النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى لقاحه، وفي رواية «إبل الصدقة» وكأنهما كانا معا، فصح الإخبار بالبعث لكل منهما، ليشربوا من أبوالها وألبانها، فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الإبل، فبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم في طلبهم كرز بن خالد الفهري في عشرين، فأتى بهم، فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وطرحهم في الحرة يستسقون فلا يسقون، حتى ماتوا، هذا محصل ما في الصحيح، وذكر أهل السير أن اللقاح كانت ترعى ناحية الجماوات، وفي رواية بذي الجدر غربي جبل عير على ستة أميال من المدينة، وذكر ابن سعد عن ابن عقبة أن أمير الخيل يومئذ سعيد بن زيد أحد العشرة، فأدركوهم فربطوهم وأردفوهم على خيلهم، وردوا الإبل، ولم يفقدوا منها إلا لقحة واحدة من لقاحه صلّى الله عليه وسلّم تدعى الحنا، فسأل عنها، فقيل: نحروها، فلما دخلوا بهم المدينة كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالغابة.

[غزوة بني المصطلق (المريسيع)]

قال بعضهم: وذلك مرجعه من غزوة ذي قرد، فخرجوا بهم، نحوه، فلقوه بالزغابة، فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم وصلبوا هناك، والله أعلم.

ثم غزا بني المصطلق، ومر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في انصرافه على المريسيع. وفيها كانت قصة الإفك.

قلت: قد قدم غزوة المريسيع في السنة الخامسة، وذكر أن فيها أنزلت آية التيمم، وقد اقتضى كلامه أن المريسيع وقعت مرتين: في الأولى التيمم، وفي الثانية الإفك، وفيه جمع بين ما ذكره كثير من أهل السير من أن المريسيع سنة خمس وبين ما نقله البخاري عن ابن إسحاق أنها سنة ست، لكن قد ثبت في الصحيح أن سعد بن معاذ تنازع هو وسعد بن عبادة في أصحاب الإفك؛ فلو كانت المريسيع التي هي غزاة بني المصطلق سنة ست مع كون الإفك كان فيها لكان ما وقع في الصحيح من ذكر سعد بن معاذ غلطا؛ لأن سعد بن معاذ مات أيام قريظة، وكانت سنة خمس، وقيل: أربع؛ فالأشبه أن بني المصطلق والمريسيع واحد، كلاهما في سنة خمس.

وقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد أن التيمم كان في غزاة بني المصطلق، وجزم به في الاستذكار، وسبقه إليه ابن سعد وابن حبان.

وفي البخاري «غزوة بني المصطلق» ، وهي غزوة المريسيع» وفي الطبراني حديث: كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في غزوة المريسيع غزوة بني المصطلق، وبنو المصطلق بطن من خزاعة، وكان رئيسهم الحارث بن أبي ضرار، وكان معه عليه الصلاة والسلام بشر كثير، خرج بهم إليهم لما بلغه أنهم يجمعون له، وكان معه ثلاثون فرسا وأم سلمة وعائشة، فهزمهم وأسر

<<  <  ج: ص:  >  >>