للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفد غسان، ثم وفد نجران الذين كانت فيهم قصة المباهلة، ثم جاء جبريل يعلم الناس دينهم، ثم غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تبوكا.

قلت: وهو مخالف لما قدمناه عن ابن إسحاق من كونها في التاسعة، والله أعلم.

ثم أذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للناس بالحج في حجة الوداع ورجع، ثم مرض في صفر لعشر بقين منه، وتوفي صلّى الله عليه وسلّم لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول يوم الإثنين، انتهى ما ذكره رزين عن أبي حاتم.

قلت: وشهر ربيع هذا من الحادية عشرة، وكان ابتداء مرضه في بيت ميمونة، وقيل:

زينب بنت جحش، وقيل: ريحانة، وذكر الخطابي أن ابتداءه يوم الإثنين، وقيل: السبت، وقيل: الأربعاء، وحكى في الروضة قولين في مدته، فقيل: أربعة عشر، وهو الذي صدّر به، وقيل: ثلاثة عشر، وعليه الأكثر، وقيل: عشرة، وبه جزم سليمان التيمي، ومقتضى ما تقدم أن المدة تزيد على عشرين يوما، ولم أر من صرح به، ولا خلاف في أن الوفاة كانت يوم الإثنين، وكونه من ربيع الأول، كاد يكون إجماعا، لكن في حديث ابن مسعود عند البزار: في حادي عشر رمضان، وكونها في ثاني عشر ربيع الأول هو ما عليه الجمهور، وذهب جماعة إلى أنها في أوله، ورواه يحيى عن ابن شهاب، وقال: حين زاغت الشمس، وعن أسماء بنت أبي بكر أنه توفي للنصف من ربيع الأول، وقيل: ثانيه، ورجحه السهيلي، واستشكل قول الجمهور بأنهم اتفقوا على أن الوقفة في حجة الوداع كانت الجمعة، فأول ذي الحجة الخميس، فمهما فرضت الشهور الثلاثة توامّ أو نواقص أو بعضها، لم يصح كون الوفاة يوم الإثنين مع كونه ثاني عشر ربيع الأول، وأجاب البارزي باحتمال وقوع الثلاثة كوامل، واختلاف أهل مكة والمدينة في هلال ذي الحجة: فرآه أهل مكة ليلة الخميس، ولم يره أهل المدينة إلا ليلة الجمعة، فحصلت الوقفة برؤية أهل مكة، ثم رجعوا إلى المدينة فأرخوا برؤية أهلها، فكان أول ذي الحجة الجمعة، وهو وما بعده كوامل، فأول ربيع الأول الخميس، وثاني عشرة الإثنين، ولا يخفى بعد هذا الجواب، وقد جزم سليمان التيمي أحد الثقات بأن بدء مرضه صلّى الله عليه وسلّم كان يوم السبت الثاني والعشرين من صفر، ومات يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول، ومنه يعلم أن صفر كان ناقصا، ولا يمكن أن يكون أول صفر السبت إلا إن كان ذو الحجة والحرم ناقصين؛ فيلزم عليه نقص ثلاثة أشهر متوالية، وأما على قول من قال: «أول ربيع الأول» ؛ فيكون اثنان ناقصين وواحد كاملا، وكذا على قول من قال: «للنصف منه» .

وقال البدر ابن جماعة: يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة ليلة خلت: أي بأيامها، فيكون موته في اليوم الثالث عشر، وتفرض الشهور كوامل؛ فيصح قول الجمهور، ويعكر

<<  <  ج: ص:  >  >>