للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدس والكعبة بين يديه- أي بين الركنين اليمانيين- وجكى ابن عبد البر الاختلاف في صلاته صلّى الله عليه وسلّم بمكة: هل كانت إلى الكعبة، أو بيت المقدس؟ ثم قال: وأحسن من ذلك قول من قال: كان يصلي بمكة مستقبل القبلتين يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس.

وروى الطبري وغيره عن ابن عباس قال: لما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة واليهود أكثر أهلها يستقبلون بيت المقدس أمره الله تعالى أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء فنزلت، وهو ظاهر في أن استقبال بيت المقدس كان بوحي، لا باجتهاد من النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنه إنما وقع بعد الهجرة، لكن أخرج أحمد عن ابن عباس: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه» فيجمع بأنه لما هاجر أمر بأن يستمر على الصلاة لبيت المقدس.

وروى الطبري أيضا من طريق ابن جريح قال: صلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أول ما صلّى إلى الكعبة، ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة، وصلّى ثلاث حجج، وهاجر فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا، ثم وجّهه الله إلى الكعبة.

كيف حرّرت قبلة مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم؟

وقال ابن النجار: وصلّى النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه- أي: في مسجده- إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم أمر بالتحول إلى الكعبة، فأقام رهطا على زوايا المسجد ليعدل القبلة، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا رسول الله ضع القبلة وأنت تنظر إلى الكعبة، ثم قال بيده هكذا، فأماط كل جبل بينه وبينها، فوضع القبلة وهو ينظر إلى الكعبة لا يحول دون نظره شيء، فلما فرغ قال جبريل عليه السلام هكذا، فأعاد الجبال والشجر والأشياء على حالها، وصارت قبلته إلى الميزاب.

وأسند يحيى من طريق ابن زبالة وغيره عن الخليل بن عبد الله الأزدي عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقام رهطا على زوايا المسجد ليعدل القبلة، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا رسول الله، ضع القبلة وأنت تنظر إلى الكعبة، ثم قال بيده هكذا، فأماط كل جبل بينه وبين القبلة، فوضع تربيع المسجد وهو ينظر إلى الكعبة لا يحول دون نظره شيء، فلما فرغ قال جبريل عليه السلام بيده هكذا، فأعاد الجبال والشجر والأشياء على حالها، وصارت قبلته إلى الميزاب.

وعن نافع بن جبير من طرق مرفوعا: ما وضعت قبلة مسجدي هذا حتى رفعت إليّ الكعبة فوضعتها أؤمها.

وعن ابن عجلان قال: وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبلة مسجده وجبريل قائم ينظر إلى الكعبة، ثم كشف له ما بينه وبينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>