للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرّحمن الرّحيم وبه نستعين، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه.

[خطبة المؤلف]

أما بعد: حمد الله على آلائه «١» ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف أنبيائه، وعلى آله وأصحابه وأصفيائه؛ فقد سألني من طاعته غنم، ومخالفته غرم، أن أختصر تأليفي المسمى ب «اقتفاء الوفا، بأخبار دار المصطفى» - صلّى الله عليه وسلّم! وزاده شرفا وفضلا لديه! - اختصارا مع توسط غير مفرط، هذا مع كونه بعد لم يقدّر إتمامه بتكامل أقسامه؛ لسلوكي فيه طريقة الاستيعاب، وجمع ما افترق من معاني تلك الأبواب، وتلخيص مقاصد جميع تواريخ المدينة التي وقفت عليها، وإضافة ما اقتضى الحال أن يضاف إليها، مع عروض الموانع، وترادف الشواغل والقواطع، فأجبته إلى سؤاله؛ لما رأيت من شغفه «٢» بذلك وإقباله، مع ما رأيت في ذلك من الإتحاف بأمور لا توجد في غيره من المختصرات بل ولا المبسوطات، سيما فيما يتعلق بأخبار الحجرة الشريفة، ومعالمها المنيفة، فإني قد استفدته عيانا، وعلمت أخبارها إيقانا، بسبب ما حدث في زماننا من العمارة التي سنشير إليها، ونقف في محلها عليها؛ لاشتمالها على تجديد ما كاد أن يهي «٣» في الحجرة الشريفة من الأركان، وإحكام ما أحاط بها من البنيان. وتشرفت بالخدمة في إعادة بنيانها، وتجنبت شهود نقض أركانها، وحظيت بالوقوف على عرصتها، وتمتعت بانتشاق «٤» تربتها، ونعمت العين بالاكتحال بأرضها الشريفة، ومحال الأجساد المنيفة، فامتلأ القلب حياء ومهابة، واكتسى من ثياب الذال أثوابه، هذا وقد جبلت القلوب «٥» على الشغف بأخبار هذا المحل وأحواله، كما هو دأب كل محب مغرم واله «٦» ، ولله درّ القائل:


(١) الآلاء: جمع الألى أي النعم.
(٢) شغف به: أحبه وأولع به» .
(٣) يهي: يسقط.
(٤) انتشق تربتها: شم تربتها.
(٥) جبل الله الخلق: خلقهم وطبعهم. وفي الأثر: «جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها» .
(٦) الواله: الذي اشتد حنينه حتى ذهب عقله.

<<  <  ج: ص:  >  >>