للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع زقاق ابن حيين كانت تقوم في الجاهلية وأول الإسلام، وكان يقال لذلك الموضع:

مزاحم.

وروى ابن شبة أيضا عن صالح بن كيسان قال: ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبة في موضع بقيع الزبير فقال: هذا سوقكم. فأقبل كعب بن الأشرف فدخلها وقطع أطنابها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا جرم لأنقلنّها إلى موضع هو أغيظ له من هذا، فنقلها إلى موضع سوق المدينة، ثم قال: هذا سوقكم، لا تتحجروا، ولا يضرب عليه الخراج.

وعن أبي أسيد أن رجلا جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إني قد رأيت موضعا للسوق، أفلا تنظر إليه؟ قال: فجاء به إلى موضع سوق المدينة اليوم- أي في زمنهم- قال:

فضرب النبي صلّى الله عليه وسلّم برجله وقال: هذا سوقكم؛ فلا ينقص منه، ولا يضربن عليه خراج.

وروى ابن زبالة عن عباس بن سهل عن أبيه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أتى بني ساعدة فقال: إني قد جئتكم في حاجة تعطوني مكان مقابركم فأجعلها سوقا، وكانت مقابرهم ما حازت دار ابن أبي ذئب إلى دار زيد بن ثابت، فأعطاه بعض القوم، ومنعه بعضهم، وقالوا: مقابرنا ومخرج نسائنا، ثم تلاوموا فلحقوه وأعطوه إياه، فجعله سوقا.

قلت: وسيأتي ما يبين أن دار ابن أبي ذئب ودار زيد بن ثابت كانتا في شرقي السوق، الأولى عند أثنائه مما يلي الشام، والثانية عند أثنائه مما يلي القبلة؛ فليست المقابر المذكورة سوق المدينة كله، بل بعضه. وقد قدمنا في منازل بني ساعدة أن ابن زبالة نقل أن عرض سوق المدينة ما بين المصلى إلى جرار سعد، وهي جرار كان يسقي الناس فيها الماء بعد موت أمه، وقدمنا أن الذي يترجح أن المصلى حده من جهة القبلة، وأن جرار سعد حده من جهة الشام؛ فتكون جرار سعد قرب ثنية الوداع، وقد قوى الآن ذلك عندي جدّا، لما سيأتي في ذكر دار هشام.

وروى ابن شبة أيضا وابن زبالة عن محمد بن عبد الله بن حسن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تصدق على المسلمين بأسواقهم.

وروى ابن زبالة عن خالد بن الياس العدوي قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز بالمدينة: إنما السوق صدقة فلا يضربن على أحد فيه كراء.

وعن ابن أبي ذئب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ على خيمة عند موضع دار المنبعث فقال: ما هذه الخيمة؟ فقالوا: خيمة لرجل من بني حارثة كان يبيع فيها التمر، فقال: حرقوها، فحرقت. قال ابن أبي ذئب: وبلغني أن الرجل محمد بن مسلمة.

وروى ابن شبة عن أبي مردود عبد العزيز بن سليمان أن عمر بن الخطاب رأى كير حداد في السوق، فضربه برجله حتى هدمه، وقال: أتنتقص سوق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>