للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه سميت الوجيئة، وهو تمر يبل بلبن ثم يدق حتى يلتئم «١» ، ومنه الحديث «أنه دعا سعدا فوصف له الوجيئة» وقوله «ثم ليلدك» أي: يسقيك، يقال: لدّه باللّدود، إذا سقاه الدواء في أحد جانبي الفم.

وفي كامل ابن عدي حديث «ينفع من الدؤام أن يأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة كل يوم يفعل ذلك سبعة أيام» وفي غريب الحديث للخطابي عن عائشة رضي الله عنهما «أنها كانت تأمر للدؤام والدوار بسبع تمرات عجوة في سبع غدوات على الريق» والدؤام والدوار: ما يأخذ الإنسان في رأسه فيدومه، ومنه تدويم الطائر، وهو: أن يستدير في طيرانه، قال الخطابي: كون العجوة عوذة من السم والسحر إنما هو من طريق التبرك بدعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا لأن طبعها يفعل شيئا، وقال النووي: في تخصيصها دون غيرها وعدد السبع من الأمور التي علمها الشارع، ولا نعلم نحن حكمتها؛ فيجب الإيمان بها، واعتقاد فضلها، وما ذكره المازري والقاضي في هذا باطل، وقصدت بذلك التحذير من الاغترار به، انتهى. وأشار به لقول القاضي في أثناء تعليل ذلك: إنه لتأثير في الأرض أو الهواء، ولقول المازري: لعل ذلك كان لأهل زمنه صلّى الله عليه وسلّم خاصة، أو لأكثرهم؛ إذ لم يثبت استمرار وقوع الشفاء في زمننا غالبا، وإن وجد ذلك في الأكثر حمل على أنه أراد وصف غالب الحال، انتهى.

وقد جعله ابن التين احتمالا، وزاد عليه آخر أعجب منه، فقال: يحتمل أن يكون المراد نخلا خاصّا من المدينة لا يعرف الآن، ويحتمل: أن يكون ذلك خاصّا بزمانه صلّى الله عليه وسلّم انتهى.

وهو مردود؛ لأن سوق الأحاديث وإيراد العلماء لها وإطباق الناس على التبرك بعجوة المدينة وتمرها يرد التخصيص بزمنه صلّى الله عليه وسلّم مع أن الأصل عدمه، ولم تزل العجوة معروفة بالمدينة يأثرها الخلف عن السلف، يعلمها كبيرهم وصغيرهم علما لا يقبل التشكيك.

وقال الداودي: هي من أوسط التمر كما هو المشاهد اليوم. وقال غيره: هي من أجود تمر المدينة، ومراده أنها ليست من رديه. وقال ابن الأثير: العجوة ضرب من التمر أكبر من الصّيحاني يضرب إلى السواد، وهو مما غرسه النبي صلّى الله عليه وسلّم بيده بالمدينة.

وذكر هذا الأخير البزار أيضا، فلعل الأوداء «٢» التي كاتب سلمان الفارسي أهله عليها وغرسها صلّى الله عليه وسلّم بيده الشريفة بالفقير أو غيره من العالية كانت عجوة، والعجوة «٣» توجد بالفقير


(١) الوجيئة: تمر يدق حتى يخرج نواه، ثم يبل بلبن أو سمن حتى يلزم بعضه بعضا، ثم يؤكل.
(٢) الأوداء: صغار الفسيل.
(٣) العجوة: ضرب من أجود التمر بالمدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>