للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روحي حتى أرد عليه، وأما حديث «أتاني ملك فقال يا محمد أما يرضيك أن لا يصلي عليه أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا، أو لا يسلم عليك إلا سلمت عليه عشرا؛ فالظاهر أنه في السلام بالنوع الأول.

وروى النسائي وإسماعيل القاضي بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه مرفوعا إن لله ملائكة سيّاحين في الأرض يبلّغون من أمتي السلام، وجاءت أحاديث أخرى في عرض الملك لصلاة الأمة وسلامها على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا في حق الغائب. وأما الحاضر عند القبر، فهل يكون كذلك أو يسمعه صلى الله تعالى عليه وسلم بلا واسطة؟

فيه حديثان: أحدهما: «من صلى عليّ عند قبري سمعته، ومن صلى علي نائيا بلّغته» رواه جماعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا من طريق أبي عبد الرحمن محمد بن مروان السدي الصغير، وهو ضعيف. قال الطيالسي: حدثنا العلاء بن محمود حدثنا أبو عبد الرحمن قال البيهقي: أبو عبد الرحمن هذا هو محمد بن مروان السدي فيما أرى وفيه نظر، انتهى. قلت: وروى نحوه أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان بن عبد الرحمن بن المرزبان الخلال من طريق أبي البحتري، وهو ضعيف جدا، عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم «من صلى عليّ عند قبري رددت عليه، ومن صلى علي في مكان آخر بلغونيه» .

والحديث الثاني وهو أضعف من الأول عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أيضا «من صلى علي عند قبري وكّل الله بها ملكا يبلغني، وكفى أمر آخرته، وكنت له شهيدا وشفيعا» وفي رواية «ما من عبد يسلم علي عند قبري إلا وكل الله بها ملكا يبلغني، وكفى أمر آخرته ودنياه، وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة» فإن ثبت الأول فكفى بذلك شرفا، وإلا فهو مرجو، فينبغي الحرص عليه، قال السبكي: وسيأتي ما يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم يسمع من يسلم عليه عند قبره ويرد عليه عالما بحضوره عند قبره. وكفى بهذا فضلا حقيقا بأن ينفق فيه ملك الدنيا حتى يتوصل إليه من أقطار الأرض.

قلت: روى عبد الحق في الأحكام الصغرى وقال: إسناده صحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم «ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه، ورد عليه السلام» ورواه ابن عبد البر وصححه كما نقله ابن تيمية، لكن بلفظ «ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا ردّ الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام» وقال عبد الحق في كتاب العاقبة:

ويروى من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها «ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>