للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلأَيِّ أَمْرٍ يَا بُنَيَّ عَقَقْتَنِي ... وَتَرَكْتَنِي شَيْخًا كبيرا مقتدا [١]

أَمَّا النَّهَارُ فَدَمْعُ عَيْنِي سَاكِبٌ ... وَأَبِيتُ لَيْلِي كالسليم [٢] ممهّدا

فَلَعَلَّ رَبًّا قَدْ هَدَاكَ لِدِينِهِ ... فَاشْكُرْ أَيَادِيهِ عَسَى أَنْ تُرْشَدَا

وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا أَصَبْتَ مِنَ الْهُدَى ... وَبِدِينِهِ لا تَتْرُكْنِي مُوحِدَا

وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ إِنْ قَطَعْتَ قَرَابَتِي ... وَعَقَقْتَنِي لَمْ أَلْفَ إِلا لِلْعِدَى

فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ أَبِيهِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ وَاسْتَأْذَنَهُ فِي جَوَابِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ.

إِنَّ الَّذِي سَمَّكَ السَّمَاءَ بِقُدْرَةٍ ... حَتَّى عَلا فِي مُلْكِهِ فَتَوَحَّدَا

بَعَثَ الَّذِي لا مِثْلَهُ فِيمَا مَضَى ... يَدْعُو لِرَحْمَتِهِ النَّبِيَّ مُحَمَّدَا

ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ [٣] كَالْغَزَالَةِ وَجْهِهِ ... قَرْنًا تَأَزَّرَ بِالْمَكَارِم وَارْتَدَى

فَدَعَا الْعِبَادَ لِدِينِهِ فَتَتَابَعُوا ... طَوْعًا وَكَرْهًا مُقْبِلِينَ عَلَى الْهُدَى

وَتَخَوَّفُوا النَّارَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا ... كَانَ الشَّقِيُّ الْخَاسِرُ الْمُتَلَدَّدَا

وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ مَيِّتٌ وَمُحَاسَبٌ ... فَإِلَى مَتَى هَذِي الضَّلالَةِ وَالرَّدَى

فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ ابْنِهِ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم. أخرجه أبو موسى.

١٩٢- أصيل بن عبد الله الهذلي

(ب س) أصيل بْن عَبْد اللَّهِ الهذلي، وقيل: الغفاري.

روى ابن شهاب الزُّهْرِيّ قال: «قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب عَلَى أزواج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل عَلَى عائشة، رضي اللَّه عنها، فقالت له: يا أصيل، كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها وابيضت بطحاؤها. قالت: أقم حتى يأتيك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يلبث أن دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا أصيل، كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها والله قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها وأعذق إذخرها، وأسلب ثمامها وأمشر سلمها، فقال: حسبك يا أصيل، لا تحزنا» رواه مُحَمَّد بْن عبد الرحمن القرشي، عَنْ مدلج، هو ابن سدرة السلمي قال: قدم أصيل الهذلي عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، نحوه. ورواه الحسن عَنْ أبان بْن سَعِيد بْن العاص، أَنَّهُ قدم عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له: «يا أبان، كيف تركت أهل مكة؟ قال: تركتهم وقد جيدوا. وذكر نحوه. قوله: أعذق إذخرها: أي صارت له أفنان كالعذوق، والإذخر: نبت معروف بالحجاز.

وأسلب ثمامها أي: أخوص وصار له خوص، والثمام: نبت معروف بالحجاز ليس بالطويل.


[١] المفند: العاجز.
[٢] الملدوغ.
[٣] الجفنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>