للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَبَشِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ [١] السُّلَمِيُّ يقول: ألقي في روعي أن عبادة الأوثان بَاطِلٌ، فَسَمِعَنِي رَجُلٌ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو، بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَقُولُ كَمَا تَقُولُ. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ أَسْأَلُ عَنْهُ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ مُخْتَفٍ لا أَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا بِاللَّيْلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُمْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، فَمَا عَلِمْتُ إِلا بِصَوْتِهِ يُهَلِّلُ اللَّهَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ:

رَسُولُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: وَبِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَلا يشرك به شيء وتحقن الدماء، وتوصل الأرحام. قَالَ قُلْتُ: وَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حر وعبد. فقلت: أبسط يدك أبايعك.

فبسط يده فبايعته، فلقد رأيتني وإني لرابع الإِسْلامِ [٢] . وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ عَلِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى محمد بن عيسى السلمي. حدثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [قَالَ] : قَالَ، أَبُو بَكْرٍ: أَلَسْتَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا؟ يَعْنِيَ الْخِلافَةَ- أَلَسْتَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ؟

أَلَسْتَ صَاحِبَ كَذَا؟ أَلَسْتَ صَاحِبَ كَذَا [٣] ؟

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

[هجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم]

هاجر أَبُو بَكْر الصديق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبه فِي الغار لما سارا مهاجرين، وآنسه فِيهِ، ووقاه بنفسه. قَالَ بعض العلماء: لو قَالَ قائل: إن جميع الصحابة ما عدا أبا بكر ليست لهم صحبة لم يكفر، ولو قَالَ: إن أبا بَكْر لم يكن صاحب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفر، فإن القرآن العزيز قَدْ نطق أَنَّهُ صاحبه.

أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عبيد الله بن أحمد بن على بإسناد إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: وأقام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ يَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فجاء جبريل عليه السلام وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فَمَكَرَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ أَنْ لا يَبِيتَ مَكَانَهُ، فَفَعَلَ، وَخَرَجَ عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ، وَمَعَهُ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ، فَجَعَلَ يَنْثُرُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَأَخَذَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ [٤] وَكَانَ مَخْرَجُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الْعَقَبَةِ بِشَهْرَيْنِ، وَأَيَّامَ بُويِعَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وخرج لهلال ربيع الأول. قاله ابن إسحاق.


[١] في المطبوعة: عنبسة. وقد نبهنا على هذا الخطأ مرارا.
[٢] ساق الإمام أحمد في مسندة نحوه. ينظر: ٤/ ١١١، ١١٤.
[٣] تحفة الأحوذي، كتاب المناقب: ١٠/ ١٥١.
[٤] ينظر سيرة ابن هشام: ١/ ٤٨٠/ ٤٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>