للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سعد: رَأَيْت أخي عميرًا قبل أن يعرضنا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوارى، فقلت: مالك يا أخي؟ قَالَ: أخاف أن يستصغرني رَسُول اللَّه فيردني، وأنا أحب الخروج لعل اللَّه أن يرزقني الشهادة! فرزق ما تمنى.

أَخْرَجَهُ أبو عمر، وأبو نعيم، وأبو موسى.

٤٠٩١- عمير

(ب د ع) عمير بْن وهب بْن خلف بْن وهب بْن حذافة بْن جمح الْقُرَشِيّ الجمحي، يكنى أبا أمية.

كَانَ لَهُ قدر وشرف فِي قريش، وهو ابْن عم صفوان بْن أمية بْن خلف. وشهد بدرًا مَعَ المشركين كافرًا، وهو القائل يومئذ لقريش عَنِ الأنصار: أرى وجوهًا كوجوه الحيات:

لا يموتون ظمأ أَوْ يقتلون منا أعدادهم، فلا تعرضوا لهم وجوهًا كأنها المصابيح [١] فقالوا: دع هَذَا عنك. فحرش [٢] بين القوم، فكان أول من رمى بنفسه عَنْ فرسه بين المسلمين، وأنشب الحرب.

وكان من أبطال قريش وشياطينهم، وهو الَّذِي مشى حول المسلمين ليحزرهم [٣] يَوْم بدر، فلما انهزم المشركون كَانَ عمير فيمن نجا، وأسر ابنه وهب بْن عمير يومئذ، فلما عاد المنهزمون إِلَى مكَّة جلس عمير وصفوان بْن أمية بْن خلف، فَقَالَ صفوان: قبح اللَّه العيش بعد قتلى بدر! قَالَ عمير: أجل، ولولا دين عليّ لا أجد قضاءه وعيال لا أدع لهم شيئًا، لخرجت إِلَى مُحَمَّد فقتلته إن ملأت عيني مِنْهُ، فإن لي عنده علة أعتل بها، أقول: قدمت عَلَى ابني هَذَا الأسير.

ففرح صفوان وقَالَ: عليّ دينك، وعيالك أسوة عيالي فِي النفقة. فجهزه صفوان، وأمر بسيف فسم وصقل، فأقبل عمير حتَّى قدم المدينة، فنزل بباب المسجد، فنظر إِلَيْه عُمَر بْن الخطاب وهو فِي نفر من الأنصار يتحدثون عَنْ وقعة بدر، ويذكرون نعم اللَّه فيها، فلما رآه عُمَر معه السيف فزع وقَالَ: هَذَا عدو اللَّه الَّذِي حزرنا للقوم يَوْم بدر. ثُمَّ قَام عُمَر فدخل عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هذا عمير بْن وهب قَدْ دخل المسجد متقلدًا سيفًا، وهو الغادر الفاجر، يا رَسُول اللَّه لا تأمنه عَلَى شيء. قَالَ: أدخله عليّ. فخرج عُمَر فأمر أصحابه أن أدخلوا عَلَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم


[١] لفظ الاستيعاب ٣/ ١٢٢١: «فلا تتعرضوا لهم بهذه الوجوه» التي كأنها المصابيح» .
[٢] التحريش: الإغراء والتهييج والإفساد.
[٣] أي: بقدرهم ويعرف عددهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>