للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى الواقدي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زياد بْن أَبِي هنيدة، عَنْ زيد بْن أَبِي عتاب، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن رافع بْن خديج، عَنْ أبيه، قَالَ: خرجنا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في غزوته، يعنى غزوة أنمار، فلما سمعت به الأعراب لحقت بذرى الجبال، وانتهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذي أمر [١] فعسكر به، وذهب لحاجته فأصابه مطر، قبل ثوبيه فأجفهما عَلَى شجرة. فقالت غطفان لدعثور بْن الحارث وكان سيدها وكان شجاعًا: انفرد مُحَمَّد عَنْ أصحابه، وأنت لا تجده أخلى منه الساعة. فاخذ سيفًا صارمًا، ثم انحدر، ورسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مضطجع ينتظر جفوف ثوبيه، فلم يشعر إلا بدعثور بْن الحارث واقفًا عَلَى رأسه بالسيف، وهو يقول: من يمنعك مني يا مُحَمَّد؟ فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّه عز وجل. ودفع جبريل عليه السلام في صدره فوقع السيف من يده، فأخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السيف، ثم قام عَلَى رأسه فقال: من يمنعك مني؟ قال: لا أَحَدٍ. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قم فاذهب لشأنك. فلما ولي قال: أنت خير مني. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنا أحق بذلك منك. ثم رجع إِلَى قومه فقالوا: والله ما رأينا مثل ما صنعت، وقفت عَلَى رأسه بالسيف! فقال: والله لا أكثر عليه جمعًا. وذكر القصة، ثم أسلم دعثور بعد، أخرجه أَبُو موسى وقال: كذا أورده.

والمشهور بهذا الفعل غورث بْن الحارث، وربما تصحف أحدهما من الآخر، ولم يذكر إسلامه إلا في هذه الرواية. وقد ذكره أَبُو أحمد العسكري كما ذكره أَبُو سَعِيد النقاش وسماه دعثوراً، والله أعلم.

١٥١٣- دغفل بن حنظلة

(ب د ع) دغفل بْن حنظلة الشيباني. نسابة العرب، من بني عمرو بْن شيبان، وهو سدوسي ذهلي.

روى عنه الحسن، وابن سيرين. مختلف في صحبته، قال أحمد بْن حنبل: لا أرى لدغفل صحبة. وقال البخاري: لا يعرف لدغفل أَنَّهُ أدرك النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم.

أخبرنا أبو الربيع سلمان بْنُ أَبِي الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خميس، أخبرنا أبى، أخبرنا أبو نصر أحمد ابن عبد الباقي بن طوق، أخبرنا أبو القاسم نُفْيَرُ [٢] بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ دَغْفَلٍ، قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

وروى قتادة، عن الحسن، عن دغفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان عَلَى النصارى صوم شهر رمضان وكان عليهم ملك، فمرض، فقال: لئن شفاه اللَّه ليزيدن عشرًا. ثم كان عليهم ملك بعده يأكل اللحم فوجع فاه، فآلى إن شفاه الله ليزيدن سعة أيام. ثم كان بعده ملك، فقال: ما ندع من هذه الثلاثة الأيام أن نزيدها، ونجعل صومنا في الربيع. ففعل، فصارت خمسين يومًا. وروى عَبْد اللَّهِ بْن بريدة أن معاوية بْن أَبِي سفيان دعا دغفلًا، فسأله عَنِ العربية، وعن أنساب الناس، وعن النجوم. فإذا رجل عالم، فقال: يا دغفل، من أين حفظت هذا؟ قال: حفظته بقلب عقول،


[١] ذو أمر: موضع من ديار غطفان، وكان ذلك في صفر من السنة الثالثة. ينظر جوامع السيرة: ١٥٣.
[٢] كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>