للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِ الْجِرَاحُ وَأُصِيبَ وَجْهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَثُلِمَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكُلِمَتْ [١] شَفَتُهُ، وَأُصِيبَتْ وَجْنَتَهُ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَاهَرَ [٢] بَيْنَ دِرْعَيْنِ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يَبِيعُ لَنَا نَفْسَهُ؟ فَوَثَبَ فِئَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ خَمْسَةٌ، مِنْهُمْ: زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ، فَقَاتَلُوا، حَتَّى كَانَ آخِرُهُمْ زِيَادَ بْنَ السَّكَنِ، فَقَاتَلَ حَتَّى أُثْبِتَ [٣] ، ثُمَّ ثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَاتَلُوا عَنْهُ حَتَّى أَجْهَضُوا عَنْهُ الْعَدُوَّ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزِيَادِ بْنِ السَّكَنِ: ادْنُ [٤] مِنِّي. وَقَدْ أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَوَسَدَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَمَهُ حَتَّى مَاتَ عَلَيْهَا.

ورواه الطبري، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حميد، عَنْ سلمة، عَنِ ابن إِسْحَاق، عَنِ الْحُصَيْنُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرو بن يزيد بن السكن، قال: فقام زياد بْن السكن في نفر خمسة مِنَ الأَنْصَارِ، وَبَعْضِ النَّاسِ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ عمارة بْن زياد بْن السكن عَلَى ما نذكره إن شاء اللَّه تَعَالى.

وأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر عبيد اللَّه بْن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عَنِ الحصين، عَنْ محمود فقال: زياد بْن السكن. أخرجه الثلاثة.

١٨٠٠- زياد بن سمية

(ب ع س) زياد بْن سمية، وهي أمه، قيل: هو زياد بْن أَبِي سفيان صخر بْن حرب بْن أمية بْن عبد شمس بْن عبد مناف، وهو المعروف بزياد بْن أبيه، وبزياد بْن سمية، وهو الذي استلحقه معاوية بْن أَبِي سفيان، وكان يقال له قبل أن يستلحقه: زياد بْن عبيد الثقفي، وأمه سمية جارية الحارث بْن كلدة وهو أخو أَبِي بكرة [٥] لأمه، يكنى أبا المغيرة، ولد عام الهجرة، وقيل: ولد قبل الهجرة، وقيل:

ولد يَوْم بدر، وليست له صحبة ولا رواية.

وكان من دهاة العرب، والخطباء الفصحاء، واشترى أباه عبيدًا بألف درهم فأعتقه، واستعمله عمر ابن الخطاب، رضي اللَّه عنه، عَلَى بعض أعمال البصرة، وقيل: استخلفه أَبُو موسى وكان كاتبًا له. وكان أحد الشهود عَلَى المغيرة بْن شعبة مع أخويه أَبِي بكرة ونافع، وشبل بْن معبد، فلم يقطع بالشهادة، فحدهم عمر ولم يجده وعزله، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبر الناس أنك لم تعزلني لخزية. فقال: ما عزلتك لخزية، ولكن كرهت أن أحمل عَلَى الناس فضل عقلك.

ثم صار مع علي رضي اللَّه عنه، فاستعمله عَلَى بلاد فارس، فلم يزل معه إِلَى أن قتل وسلم الحسن الأمر إِلَى معاوية، فاستلحقه معاوية وجعله أخًا له من أَبِي سفيان، وكان سبب استلحاقه أن زيادا قدم على عمر ابن الخطاب رضي اللَّه عنه بشيرًا ببعض الفتوح، فأمره فخطب الناس فأحسن، فقال عمرو بْن العاص:

لو كان هذا الفتى قرشيًا لساق العرب بعصاه. فقال أَبُو سفيان: والله إني لأعرف الّذي وضعه في رحم


[١] كلمت: جرحت.
[٢] ظاهر: طابق.
[٣] أي حتى منعته جراحاته أن يفارق مكانه.
[٤] في سيرة ابن هشام ٢- ٨١: «أدنوه منى، فأدنوه منه» .
[٥] هو نفيع بن الحارث بن كلدة، وستأتي ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>