للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا وَأَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ مَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِإِدْرِيسَ وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ١٩: ٥٧ فقال كَعْبٌ أَمَّا إِدْرِيسُ فَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنِّي أَرْفَعُ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ جَمِيعِ عَمَلِ بَنِي آدَمَ (لَعَلَّهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ) فَأَحَبَّ أَنْ يَزْدَادَ عَمَلًا فَأَتَاهُ خَلِيلٌ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ إِنِ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ كذا وكذا فكلّم ملك الموت حَتَّى أَزْدَادَ عَمَلًا فَحَمَلَهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ تَلَقَّاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ مُنْحَدِرًا فَكَلَّمَ مَلَكَ الْمَوْتِ فِي الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ إِدْرِيسُ فَقَالَ وَأَيْنَ إِدْرِيسُ قَالَ هُوَ ذَا عَلَى ظَهْرِي فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَالْعَجَبُ بُعِثْتُ وَقِيلَ لِي اقْبِضْ رُوحَ إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَجَعَلْتُ أَقُولُ كَيْفَ أَقْبِضُ رُوحَهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ فَقَبَضَ رُوحَهُ هُنَاكَ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ١٩: ٥٧ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عِنْدَ تَفْسِيرِهَا وَعِنْدَهُ فَقَالَ لِذَلِكَ الْمَلَكِ سَلْ لِي مَلَكَ الْمَوْتِ كَمْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي فَسَأَلَهُ وَهُوَ مَعَهُ كَمْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ فَقَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أَنْظُرَ فَنَظَرَ فَقَالَ إِنَّكَ لِتَسْأَلُنِي عَنْ رَجُلٍ مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا طَرْفَةُ عَيْنٍ فَنَظَرَ الْمَلَكُ إِلَى تَحْتِ جَنَاحِهِ إِلَى إِدْرِيسَ فَإِذَا هُوَ قَدْ قُبِضَ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَهَذَا مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَفِي بَعْضِهِ نَكَارَةٌ. وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) ١٩: ٥٧ قَالَ إِدْرِيسُ رُفِعَ وَلَمْ يَمُتْ كَمَا رُفِعَ عِيسَى إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ إِلَى الْآنِ فَفِي هَذَا نَظَرٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ رُفِعَ حَيًّا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قُبِضَ هُنَاكَ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) ١٩: ٥٧ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَمَاتَ بِهَا. وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ. وَالْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ أَصَحُّ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) ١٩: ٥٧ قَالَ إِلَى الْجَنَّةِ وَقَالَ قَائِلُونَ رُفِعَ فِي حياة أبيه يرد بن مهلاييل وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إِدْرِيسَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ نُوحٍ بَلْ فِي زَمَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ وَاسْتَأْنَسُوا فِي ذَلِكَ بِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فِي الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ لَمَّا مَرَّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ آدَمُ وَإِبْرَاهِيمُ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ قَالُوا فَلَوْ كَانَ فِي عَمُودِ نَسَبِهِ لقال له كما قال له وهذا لا يدل ولا بد لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ الرَّاوِي حَفِظَهُ جَيِّدًا. أَوْ لَعَلَّهُ قَالَهُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْهَضْمِ وَالتَّوَاضُعِ وَلَمْ يَنْتَصِبْ لَهُ فِي مَقَامِ الْأُبُوَّةِ كَمَا انْتَصَبَ لِآدَمَ أَبِي الْبَشَرِ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي هو خليل الرحمن وأكبر أُولِي الْعَزْمِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجمعين

[قصة نوح عليه السلام]

هُوَ نُوحُ بْنُ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خنوخ. وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش ابن شِيثَ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>