أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي. ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٣: ١٢١ قَالَ إِلَى تَمَامِ سِتِّينَ آيَةً. وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ. ثُمَّ شَرَعَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي ذِكْرِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَتَعْدَادِهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ عَلَى قَبَائِلِهِمْ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ فَذَكَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَرْبَعَةً حَمْزَةَ وَمُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَشَمَّاسَ بْنَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمِنَ الْأَنْصَارِ. إِلَى تَمَامِ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ رَجُلًا وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ ابْنُ هشام خمسة أخرى فَصَارُوا سَبْعِينَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ ثُمَّ سَمَّى ابْنُ إِسْحَاقَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُمُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ رَجُلًا عَلَى قَبَائِلِهِمْ أَيْضًا. قُلْتُ: وَلَمْ يُؤْسَرْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ سِوَى أَبِي عَزَّةَ الْجُمَحِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَمَرَ الزُّبَيْرَ- وَيُقَالُ عَاصِمَ بْنَ ثابت بن أبى الأفلح- فَضَرَبَ عُنُقَهُ
فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ
وَإِنَّمَا نُورِدُ شِعْرَ الْكُفَّارِ لِنَذْكُرَ جَوَابَهَا مِنْ شِعْرِ الْإِسْلَامِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي وَقْعِهَا مِنَ الْأَسْمَاعِ وَالْأَفْهَامِ وَأَقْطَعَ لِشُبْهَةِ الْكَفَرَةِ الطَّغَامِ. قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَانَ مِمَّا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ قَوْلُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيِّ وَهُوَ عَلَى دِينِ قومه من قريش فقال:
مَا بَالُ هَمٍّ عَمِيدٍ بَاتَ يَطْرُقُنِي ... بِالْوُدِّ مِنْ هِنْدَ إِذْ تَعْدُو عَوَادِيهَا
بَاتَتْ تُعَاتِبُنِي هِنْدٌ وَتَعْذِلُنِي ... وَالْحَرْبُ قَدْ شُغِلَتْ عَنِّي مَوَالِيهَا
مَهْلًا فَلَا تَعْذِلِينِي إِنَّ مِنْ خُلُقِي ... مَا قَدْ عَلِمْتِ وَمَا إِنْ لَسْتُ أُخْفِيهَا
مُسَاعِفٌ لِبَنِي كَعْبٍ بِمَا كَلِفُوا ... حَمَّالُ عِبْءٍ وَأَثْقَالٍ أُعَانِيهَا
وَقَدْ حَمَلْتُ سِلَاحِي فَوْقَ مُشْتَرَفٍ ... سَاطٍ سَبُوحٍ إِذَا يَجْرِي يُبَارِيهَا
كَأَنَّهُ إِذْ جَرَى عَيْرٌ بِفَدْفَدَةٍ ... مُكَدَّمٌ لَاحِقٌ بِالْعُونِ يَحْمِيهَا
مِنْ آلِ أَعْوَجَ يَرْتَاحُ النَّدَيُّ لَهُ ... كَجِذْعِ شَعْرَاءَ مُسْتَعْلٍ مَرَاقِيهَا
أَعْدَدْتُهُ وَرُقَاقَ الْحَدِّ مُنْتَخَلًا ... وَمَارِنًا لِخُطُوبٍ قَدْ أُلَاقِيهَا
هَذَا وَبَيْضَاءَ مِثْلَ النَّهْيِ محكمة ... لظّت عَلَيَّ فَمَا تَبْدُو مَسَاوِيهَا
سُقْنَا كِنَانَةَ مِنْ أَطْرَافِ ذِي يَمَنٍ ... عُرْضَ الْبِلَادِ عَلَى مَا كَانَ يُزْجِيهَا
قَالَتْ كِنَانَةُ أَنَّى تَذْهَبُونَ بِنَا ... قُلْنَا النَّخِيلَ فَأَمُّوهَا وَمَنْ فِيهَا