للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ بَنِي مُحَارِبٍ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثٌ قَالَ لِقَوْمِهِ مِنْ غَطَفَانَ وَمُحَارِبٍ: أَلَا أَقْتُلَ لَكُمْ مُحَمَّدًا؟ قَالُوا بَلَى وَكَيْفَ تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: أَفْتِكُ بِهِ. قَالَ: فَأَقْبَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ، وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ. فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ، أَنْظُرُ إِلَى سيفك هذا؟ قال: نعم، فأخذه ثم جعل يهزه ويهم، فكبته اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا تَخَافُنِي؟ قال: لا، ما أَخَافُ مِنْكَ؟ قَالَ: أَمَا تَخَافُنِي وَفِي يَدِي السَّيْفُ. قَالَ: لَا، يَمْنَعُنِي اللَّهُ مِنْكَ. ثُمَّ عَمَدَ إِلَى سَيْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ٥: ١١. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ أنها انما أنزلت فِي عَمْرِو بْنِ جَحَّاشٍ أَخِي بَنِي النَّضِيرِ وَمَا هَمَّ بِهِ. هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قِصَّةَ غَوْرَثٍ هَذَا عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ الْقَدَرِيِّ رَأْسِ الْفِرْقَةِ الضَّالَّةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْوَى عَنْهُ لِبِدْعَتِهِ وَدُعَائِهِ إِلَيْهَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وللَّه الْحَمْدُ. فَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ هَاهُنَا طُرُقًا لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عِدَّةِ أَمَاكِنَ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ نَجْدٍ فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ فَعَلِقَ بِهَا سَيْفُهُ. قَالَ جَابِرٌ: فَنِمْنَا نَوْمَةً فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا فَأَجَبْنَاهُ وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ. فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ اللَّهُ. فَشَامَ السَّيْفَ وَجَلَسَ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَفَّانَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ، وَكُنَّا إِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ، فَأَخَذَ سَيْفَ رسول الله فَاخْتَرَطَهُ وَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخَافُنِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ فَمَنْ يَمْنَعُكَ منى؟ قال: الله يمنعني منك قال: فهدده أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَغْمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ. قَالَ: وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ: فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ عَنْ أَبَانٍ بِهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ مُسَدَّدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>