لَنَا الْقَدَمُ الْأُولَى إِلَيْكَ وَخَلْفُنَا ... لِأَوَّلِنَا فِي مِلَّةِ اللَّهِ تَابِعُ
وَنَعْلَمُ أَنَّ الْمُلْكَ للَّه وَحْدَهُ ... وَأَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ لَا بُدَّ وَاقِعُ
مقتل أبى رافع سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ
فِي قَصْرٍ لَهُ فِي أَرْضِ خَيْبَرَ- وَكَانَ تَاجِرًا مَشْهُورًا بِأَرْضِ الْحِجَازِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْقَضَى شَأْنُ الْخَنْدَقِ وَأَمْرُ بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ- وَهُوَ أَبُو رَافِعٍ- فِيمَنْ حَزَّبَ الْأَحْزَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتِ الْأَوْسُ قَبْلَ أُحُدٍ قَدْ قَتَلَتْ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ فَاسْتَأْذَنَ الْخَزْرَجُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ فَأَذِنَ لَهُمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ كَانَا يَتَصَاوَلَانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ لَا تَصْنَعُ الْأَوْسُ شَيْئًا فِيهِ غَنَاءٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا وقالت الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا يَذْهَبُونَ بِهَذِهِ فَضْلًا عَلَيْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْتَهُونَ حَتَّى يُوقِعُوا مِثْلَهَا وَإِذَا فَعَلَتِ الْخَزْرَجُ شَيْئًا قَالَتِ الْأَوْسُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: وَلَمَّا أَصَابَتِ الْأَوْسُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ فِي عَدَاوَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتِ الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا يَذْهَبُونَ بِهَا فَضْلًا عَلَيْنَا أَبَدًا. قَالَ: فَتَذَاكَرُوا مَنْ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَدَاوَةِ كَابْنِ الْأَشْرَفِ فَذَكَرُوا ابْنَ أَبِي الْحَقِيقِ وَهُوَ بخيبر فاستأذنوا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِهِ فَأَذِنَ لهم فخرج مِنَ الْخَزْرَجِ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ خَمْسَةُ نَفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ وَمَسْعُودُ بْنُ سِنَانٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَأَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ ابن رِبْعِيٍّ وَخُزَاعِيُّ بْنُ أَسْوَدَ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ أَسْلَمَ فَخَرَجُوا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا وَلِيدًا أَوِ امْرَأَةً، فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا قَدِمُوا خَيْبَرَ أَتَوْا دَارَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ لَيْلًا فَلَمْ يَدَعُوا بَيْتًا فِي الدار حتى أغلقوه عفى أَهْلِهِ قَالَ: وَكَانَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ إِلَيْهَا عَجَلَةٌ قَالَ: فَأَسْنَدُوا إِلَيْهَا حَتَّى قَامُوا عَلَى بَابِهِ فَاسْتَأْذَنُوا فَخَرَجَتْ إِلَيْهِمُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ نَلْتَمِسُ الْمِيرَةَ. قالت: ذاكم صاحبكم فادخلوا عليه. فَلَمَّا دَخَلْنَا أَغْلَقْنَا عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ الْحُجْرَةَ تَخَوُّفًا أَنْ يَكُونَ دُونَهُ مُجَاوَلَةٌ تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. قَالَ: فَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ فَنَوَّهَتْ بِنَا فَابْتَدَرْنَاهُ وَهُوَ على فراشه بأسيافنا فو الله مَا يَدُلُّنَا عَلَيْهِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ إِلَّا بَيَاضُهُ كَأَنَّهُ قُبْطِيَّةٌ مُلْقَاةٌ. قَالَ: فَلَمَّا صَاحَتْ بِنَا امْرَأَتُهُ جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَرْفَعُ عَلَيْهَا سَيْفَهُ ثُمَّ يَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُفُّ يَدَهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَفَرَغْنَا مِنْهَا بِلَيْلٍ. قَالَ فَلَمَّا ضَرَبْنَاهُ بِأَسْيَافِنَا تَحَامَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِسَيْفِهِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَنْفَذَهُ وَهُوَ يَقُولُ:
قَطْنِي قَطْنِي أَيْ حَسْبِي حَسْبِي. قَالَ: وَخَرَجْنَا وَكَانَ عبد الله بن عتيك سيئ البصر قال فوقع من الدرجة فوثبت يده وثبا شَدِيدًا وَحَمَلْنَاهُ حَتَّى نَأْتِيَ بِهِ مَنْهَرًا مِنْ عُيُونِهِمْ فَنَدْخُلَ فِيهِ فَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ وَاشْتَدُّوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.patreon.com/shamela4