للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَدَّثَنِي- يَعْنِي بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ- أَنَّ فَضَالَةَ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ الْمُلَوَّحِ- يَعْنِي اللَّيْثِيَّ- أَرَادَ قَتْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَامَ الْفَتْحِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفَضَالَةُ؟» قَالَ نَعَمْ فَضَالَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ «مَاذَا كُنْتَ تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ؟» قَالَ لَا شَيْءَ كُنْتُ أَذْكُرُ اللَّهَ، قَالَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ» ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ فَسَكَنَ قَلْبُهُ فَكَانَ فَضَالَةُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ صَدْرِي حَتَّى مَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ، قَالَ فَضَالَةُ فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَمَرَرْتُ بِامْرَأَةٍ كُنْتُ أَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ هَلُمَّ إِلَى الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ لَا، وَانْبَعَثَ فَضَالَةُ يَقُولُ:

قَالَتْ هَلُمَّ إِلَى الْحَدِيثِ فَقُلْتُ لَا ... يَأْبَى عَلَيْكِ اللَّهُ وَالْإِسْلَامُ

أو ما رَأَيْتِ مُحَمَّدًا وَقَبِيلَهُ ... بِالْفَتْحِ يَوْمَ تَكَسَّرُ الْأَصْنَامُ

لَرَأَيْتِ دِينَ اللَّهِ أَضْحَى بَيِّنًا ... وَالشِّرْكَ يَغْشَى وَجْهَهُ الْإِظْلَامُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائشة قالت: خرج صفوان ابن أُمَيَّةَ يُرِيدُ جُدَّةَ لِيَرْكَبَ مِنْهَا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ سَيِّدُ قَوْمِهِ وَقَدْ خَرَجَ هَارِبًا مِنْكَ لِيَقْذِفَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ، فَأَمِّنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ «هُوَ آمِنٌ» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطِنِي آيَةً يَعْرِفُ بِهَا أَمَانَكَ؟ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِمَامَتَهُ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا مَكَّةَ، فَخَرَجَ بِهَا عُمَيْرُ حَتَّى أَدْرَكَهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ: يَا صَفْوَانُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي اللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ أَنْ تُهْلِكَهَا هَذَا أَمَانٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد جئتك به، قال ويلك أعرب عَنِّي فَلَا تُكَلِّمْنِي قَالَ أَيْ صَفْوَانُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي أَفْضَلُ النَّاسِ وَأَبَرُّ النَّاسِ وَأَحْلَمُ النَّاسِ وَخَيْرُ النَّاسِ ابْنُ عَمِّكَ عِزُّهُ عِزُّكَ وَشَرَفُهُ شَرَفُكَ وَمُلْكُهُ مُلْكُكَ؟ قَالَ إِنِّي أَخَافُهُ عَلَى نَفْسِي، قَالَ هُوَ أَحْلَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْرَمُ. فَرَجَعَ مَعَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَفْوَانُ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّكَ قَدْ أَمَّنْتَنِي؟

قَالَ «صَدَقَ» قَالَ فَاجْعَلْنِي بِالْخِيَارِ فِيهِ شَهْرَيْنِ؟ قَالَ «أَنْتَ بِالْخِيَارِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ» ثُمَّ حَكَى ابْنُ إسحاق عن الزهري أن فاخة بَنَتَ الْوَلِيدِ امْرَأَةَ صَفْوَانَ وَأُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ امْرَأَةَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جهل وَقَدْ ذَهَبَتْ وَرَاءَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَاسْتَرْجَعَتْهُ فَأَسْلَمَ فَلَمَّا أَسْلَمَا أَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَهُمَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حسان بن ثابت قال: رمى حسان بن الزِّبَعْرَى وَهُوَ بِنَجْرَانَ بِبَيْتٍ وَاحِدٍ مَا زَادَ عَلَيْهِ:

لَا تَعْدَمَنْ رَجُلًا أَحَلَّكَ بُغْضُهُ ... نَجْرَانَ فِي عَيْشٍ أَحَذَّ لَئِيمِ

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزِّبَعْرَى خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَقَالَ حِينَ أَسْلَمَ:

يَا رَسُولَ الْمَلِيكِ إِنَّ لِسَانِي ... رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنَا بُورُ

إِذْ أُبَارِي الشَّيْطَانَ في سنن الغي ... وَمَنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>