للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ بَلِ انْقَطَعَ وَسَكَتَ وَلِهَذَا قَالَ (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَالله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ٢: ٢٥٨ وَقَدْ ذَكَرَ السُّدِّيُّ أَنَّ هَذِهِ الْمُنَاظَرَةَ كَانَتْ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ النُّمْرُودِ يَوْمَ خَرَجَ مِنَ النار ولم يكن اجتمع به يَوْمَئِذٍ فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ النُّمْرُودَ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَكَانَ النَّاسُ يَفِدُونَ إِلَيْهِ لِلْمِيرَةِ فَوَفَدَ إِبْرَاهِيمُ فِي جُمْلَةِ مَنْ وَفَدَ لِلْمِيرَةِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ وَلَمْ يُعْطَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الطَّعَامِ كَمَا أُعْطِيَ النَّاسُ بَلْ خَرَجَ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ أَهْلِهِ عَمَدَ إِلَى كَثِيبٍ مِنَ التُّرَابِ فَمَلَأَ مِنْهُ عِدْلَيْهِ وَقَالَ أَشْغَلُ أَهْلِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ وَضَعَ رِحَالَهُ وَجَاءَ فَاتَّكَأَ فَنَامَ فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ سَارَةُ إِلَى الْعِدْلَيْنِ فَوَجَدَتْهُمَا مَلْآنَيْنِ طَعَامًا طَيِّبًا فَعَمِلَتْ مِنْهُ طَعَامًا فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إِبْرَاهِيمُ وَجَدَ الَّذِي قَدْ أَصْلَحُوهُ فَقَالَ أَنَّى لَكُمْ هَذَا قَالَتْ مِنَ الَّذِي جِئْتَ بِهِ فَعَرَفَ أَنَّهُ رِزْقٌ رَزَقَهُمُوهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَبَعَثَ اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ مَلَكًا يَأْمُرُهُ بِالْإِيمَانِ باللَّه فَأَبَى عَلَيْهِ. ثُمَّ دَعَاهُ الثَّانِيَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ. ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ. وَقَالَ اجْمَعْ جُمُوعَكَ وَأَجْمَعُ جُمُوعِي فَجَمَعَ النُّمْرُودُ جَيْشَهُ وَجُنُودَهُ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذُبَابًا مِنَ الْبَعُوضِ بِحَيْثُ لَمْ يَرَوْا عَيْنَ الشَّمْسِ وَسَلَّطَهَا اللَّهُ عليهم فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم عظاما بادية ودخلت واحدة منها في منخر الملك فمكثت في منخرها أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ عَذَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فَكَانَ يضرب رأسه بالمزارب فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كُلِّهَا حَتَّى أَهْلَكَهُ اللَّهُ عز وجل بها

ذكر هجرة الخليل عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة

قال الله فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقال إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ. وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ٢٩: ٢٦- ٢٨ وقال تعالى وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ. وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ. وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ ٢١: ٧١- ٧٣ لَمَّا هَجَرَ قَوْمَهُ فِي اللَّهِ وَهَاجَرَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ عَاقِرًا لَا يُولَدُ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ أَحَدٌ بَلْ مَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ آزَرَ وَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ الْأَوْلَادَ الصَّالِحِينَ وَجَعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَكُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ بَعْدَهُ فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَكُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَعَلَى أَحَدِ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ خِلْعَةً مِنَ اللَّهِ وَكَرَامَةً لَهُ حِينَ تَرَكَ بِلَادَهُ وَأَهْلَهُ وَأَقْرِبَاءَهُ وَهَاجَرَ إِلَى بَلَدٍ يتمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>