وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ
وَهَكَذَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ وَكَانُوا عَشَرَةً، مِنْهُمْ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ، وَوَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَطُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إسلامه، ونفادة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ [١] . فَقَالَ لَهُ رَئِيسُهُمْ: حَضْرَمِيُّ بْنُ عَامِرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ نَتَدَرَّعُ اللَّيْلَ الْبَهِيمَ فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ وَلَمْ تَبْعَثْ إِلَيْنَا بَعْثًا. فَنَزَلَ فِيهِمْ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ٤٩: ١٧. وَكَانَ فِيهِمْ قَبِيلَةٌ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو الزِّنْيَةِ فَغَيَّرَ اسْمَهُمْ فَقَالَ أَنْتُمْ بَنُو الرِّشْدَةِ، وَقَدِ اسْتَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نفادة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ نَاقَةً تَكُونُ جَيِّدَةً لِلرُّكُوبِ وَلِلْحَلْبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ مَعَهَا فَطَلَبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا إِلَّا عِنْدَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ فَجَاءَ بِهَا فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَلْبِهَا فَشَرِبَ مِنْهَا وَسَقَاهُ سُؤْرَهُ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهمّ بَارِكْ فِيهَا وَفِيمَنْ مَنَحَهَا» . فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا فَقَالَ «وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا» .
وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ
ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَّهُمْ كَانُوا تِسْعَةَ نَفَرٍ وَسَمَّاهُمُ الْوَاقِدِيُّ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا عَاشِرُكُمْ» وَأَمَرَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً وَجَعَلَ شِعَارَهُمْ يَا عَشَرَةُ، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُمْ عن خالد ابن سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ الَّذِي قَدَّمْنَا تَرْجَمَتَهُ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ فَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا عَقِبَ لَهُ وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُمْ يَرْصُدُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ قَدِمَتْ مِنَ الشَّامِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ وِفَادَتِهِمْ عَلَى الْفَتْحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ. قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رسول الله من تبوك وكان سنة تسعة قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِيهِمْ، خَارِجَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ، وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ عَلَى رِكَابٍ عِجَافٍ فَجَاءُوا مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ وَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ بِلَادِهِمْ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أسنتت بلادنا وهلكت مواشينا وأجدب جناتنا وَغَرِثَ عِيَالُنَا، فَادْعُ اللَّهُ لَنَا فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ الْمِنْبَرَ وَدَعَا فَقَالَ: «اللَّهمّ اسْقِ بِلَادَكَ وَبَهَائِمَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ، اللَّهمّ اسقنا غيثا مغيثا مريا مَرِيعًا طَبَقًا وَاسِعًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ نَافِعًا غير ضار، اللَّهمّ اسقنا سقيا رحمة ولا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ، وَلَا مَحْقٍ، اللَّهمّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَانْصُرْنَا عَلَى الْأَعْدَاءِ» . قَالَ فَمَطَرَتْ فَمَا رَأَوُا السَّمَاءَ سَبْتًا فَصَعِدَ رسول الله المنبر فدعا فقال: «اللَّهمّ حوالينا
[١] في الاصابة ذكره بالفاء كما هنا ثم قال يأتى بالقاف وترجمه بالقاف أي سماه نقادة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.patreon.com/shamela4