للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي هَذَا الْكَلَامِ لَا مَحَالَةَ وَمَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ يَصْرِفَ هَذَا وَيَتَأَوَّلَهُ على بيت المقدس وهذا [١] لا يناصبه مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي صُحُفِ أَرْمِيَا: كَوْكَبٌ ظَهَرَ مِنَ الْجَنُوبِ، أَشِعَّتُهُ صَوَاعِقُ، سِهَامُهُ خَوَارِقُ، دُكَّتْ لَهُ الْجِبَالُ. وَهَذَا الْمُرَادُ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْإِنْجِيلِ يَقُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي مُرْتَقٍ إِلَى جَنَّاتِ الْعُلَى، وَمُرْسِلٌ إِلَيْكُمُ الْفَارَقْلِيطَ رُوحَ الْحَقِّ يَعْلَمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَمْ يَقِلْ شَيْئًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْفَارَقْلِيطِ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ عِيسَى أَنَّهُ قَالَ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ٦١: ٦ وَهَذَا بَابٌ مُتَّسِعٌ، وَلَوْ تَقَصَّيْنَا جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ النَّاسُ لَطَالَ هَذَا الْفَصْلُ جَدًّا، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى نُبَذٍ مِنْ ذَلِكَ يَهْتَدِي بِهَا مَنْ نَوَّرِ اللَّهِ بَصِيرَتَهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَكْثَرُ هَذِهِ النُّصُوصِ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَتَكَاتَمُونَهَا وَيُخْفُونَهَا وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الطفيل قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي داود المنادي، ثنا يونس ابن مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا عاصم بن كليب عن أبيه عن الغليان [٢] بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى رَجُلٍ فَدَعَاهُ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَنَعْلَانِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟

فَجَعَلَ لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَيَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَأْبَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَالْإِنْجِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالْفُرْقَانَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ لَوْ شِئْتَ لَقَرَأْتُهُ، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ والإنجيل وأنشأ خلقه بِهَا، تَجِدُنِي فِيهِمَا؟ قَالَ: نَجِدُ مِثْلَ نَعْتِكَ، يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِكَ، كُنَّا نَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِينَا، فَلَمَّا خَرَجْتَ رَأَيْنَا أَنَّكَ هُوَ، فَلَمَّا نَظَّرْنَا إِذَا أَنْتَ لَسْتَ بِهِ، قَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: نَجْدُ مِنْ أُمَّتِكَ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ قَلِيلٌ، قَالَ: فَهَلَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرَ، وَهَلَّلَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّنِي لَأَنَا هُوَ، وَإِنَّ مِنْ أُمَّتِي لَأَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ وسبعين

حَدِيثٌ فِي جَوَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ سَأَلَ عَمَّا سَأَلَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْرَزٍ- وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ- قَالَ: حَدَّثَنِي جُلَسَاؤُهُ وَقَدْ رَأَيْتُهُ عَنْ وَابِصَةَ الْأَسَدِيِّ، وَقَالَ عَفَّانُ: ثَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَمْ يَقِلْ: حَدَّثَنِي جُلَسَاؤُهُ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالَإِثِمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَفْتُونَهُ، فَجَعَلْتُ أتخطاهم، فقالوا:

إليك وابصة عن رسول الله، فَقُلْتُ: دَعُونِي فَأَدْنُوَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إلى أن أدنو منه، قال:


[١] كذا بالنسخ ولعلها «فهذا»
[٢] كذا بالنسخ التي بأبدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>