للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذِكْرِهِ، وَأَنَّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَقِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهِ جُزْءًا عَلَى حِدَةٍ، كَمَا أَفْرَدَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ كِتَابًا فِي سُنَنِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ آنِفًا أَنَّهُ يُسَلِّمُ الْخِلَافَةَ إِلَى عِيسَى بن مَرْيَمَ إِذَا نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا السَّفَّاحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي بُويِعَ أَوَّلَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ فَقَدْ يَكُونُ خَلِيفَةً آخَرَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو المعافري من قدوم الحميري سمع نفيع بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: يَعِيشُ السَّفَّاحُ أَرْبَعِينَ سَنَةً اسْمُهُ فِي التَّوْرَاةِ طَائِرُ السَّمَاءِ قُلْتُ: وَقَدْ تَكُونُ صِفَةً لِلْمَهْدِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لِكَثْرَةِ مَا يَسْفَحُ أَيْ يُرِيقُ مِنَ الدماء لإقامة العدل، ونشر القمط، وَتَكُونُ الرَّايَاتُ السُّودُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِنْ صَحَّتْ هِيَ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الْمَهْدِيِّ، وَيَكُونُ أَوَّلُ ظُهُورِ بَيْعَتِهِ بِمَكَّةَ، ثُمَّ تَكُونُ أَنْصَارُهُ مِنْ خُرَاسَانَ، كَمَا وَقَعَ قَدِيمًا لِلسَّفَّاحِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَإِلَّا فَلَا يَخْلُو سَنَدٌ مِنْهَا عَنْ كَلَامٍ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بالصواب.

ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ

وَلَيْسُوا بِالِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ إِمَامَتَهُمُ الرَّافِضَةُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ لَمْ يَلِ أُمُورَ النَّاسِ مِنْهُمْ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُهُ الْحَسَنُ، وَآخِرُهُمْ فِي زعمهم المهدي المنتظر في زعمهم بسرداب سامرا وَلَيْسَ لَهُ وُجُودٌ، وَلَا عَيْنٌ، وَلَا أَثَرٌ، بَلْ هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْمُخْبَرِ عَنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ، الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنِ الْأَئِمَّةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي تَفْسِيرِ الِاثْنَيْ عَشَرَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدَ إِيرَادِ الْحَدِيثِ.

ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ شعبة، ومسلم مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أسْمَعْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وقال أبو نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الله ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْخُلَفَاءِ عِدَّةُ أَصْحَابِ مُوسَى وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ:

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بن معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يزال هذا الأمر قائما حتى يكون عليهم اثنى عشر خليفة أو أميرا كلهم يجتمع عَلَيْهِمُ الْأُمَّةُ، وَسَمِعْتُ كَلَامًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا يَقُولُ: قَالَ: يَقُولُ: كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>