للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمُ جَلُولَاءَ وَيَوْمُ رُسْتُمْ ... وَيَوْمُ زَحْفِ الْكُوفَةِ المقدم

ويوم عرض الشهر المحرم ... وأيام خلت من بينهن صرم

شيبن أصدغى فهي هُرَّمْ ... مِثْلُ ثُغَامِ الْبَلَدِ الْمُحَرَّمْ

وَقَالَ أَبُو نجيد فِي ذَلِكَ:

وَيَوْمُ جَلُولَاءَ الْوَقِيعَةِ أَصْبَحَتْ ... كَتَائِبُنَا تَرْدِي بِأُسْدٍ عَوَابِسِ

فَضَضْتُ جُمُوعَ الْفُرْسِ ثُمَّ أَنَمْتُهُمْ ... فَتَبًّا لِأَجْسَادِ الْمَجُوسِ النَّجَائِسِ

وَأَفْلَتَهُنَّ الْفَيْرُزَانُ بِجَرْعَةٍ ... وَمِهْرَانُ أَرْدَتْ يَوْمَ حَزِّ الْقَوَانِسِ

أَقَامُوا بِدَارٍ لِلْمَنِيَّةِ مَوْعِدُ ... وَلِلتُّرْبِ تَحْثُوهَا خَجُوجُ الرَّوَامِسِ

ذِكْرُ فَتْحِ حُلْوَانَ

وَلَمَّا انْقَضَتِ الْوَقْعَةُ أَقَامَ هشام بْنُ عُتْبَةَ بِجَلُولَاءَ عَنْ أَمْرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- فِي كِتَابِهِ إِلَى سَعْدٍ- وَتَقَدَّمَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى حُلْوَانَ، عَنْ أَمْرِ عُمَرَ أيضا ليكون ردءا للمسلمين لك، وَمُرَابِطًا لِكِسْرَى حَيْثُ هَرَبَ، فَسَارَ كَمَا قَدَّمْنَا، وَأَدْرَكَ أَمِيرَ الْوَقْعَةِ، وَهُوَ مِهْرَانُ الرَّازِيُّ، فَقَتَلَهُ وَهَرَبَ مِنْهُ الْفَيْرُزَانُ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى كِسْرَى وَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ جَلُولَاءَ، وَمَا جَرَى عَلَى الْفُرْسِ بَعْدَهُ، وَكَيْفَ قُتِلَ مِنْهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ، وَأُدْرِكَ مِهْرَانُ فَقُتِلَ، هَرَبَ عِنْدَ ذَلِكَ كِسْرَى مِنْ حُلْوَانَ إِلَى الرَّيِّ، وَاسْتَنَابَ على حلوان أميرا يقال له خسروشنوم، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو، وَبَرَزَ إِلَيْهِ خسروشنوم إلى مكان خارج من حلوان، فاقتتلوا لك قِتَالًا شَدِيدًا ثُمَّ فَتَحَ اللَّهُ وَنَصَرَ الْمُسْلِمِينَ وانهزم خسروشنوم، وَسَاقَ الْقَعْقَاعُ إِلَى حُلْوَانَ فَتَسَلَّمَهَا وَدَخَلَهَا الْمُسْلِمُونَ فَغَنِمُوا وَسَبَوْا، وَأَقَامُوا بِهَا، وَضَرَبُوا الْجِزْيَةَ عَلَى من حولها من الكور والأقاليم، بعد ما دُعُوا إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ فَأَبَوْا إِلَّا الْجِزْيَةَ. فَلَمْ يَزَلِ الْقَعْقَاعُ بِهَا حَتَّى تَحَوَّلَ سعد من المدائن إلى الكوفة، فسار إليها كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَتْحُ تَكْرِيتَ وَالْمَوْصِلِ

لَمَّا افْتَتَحَ سَعْدٌ الْمَدَائِنَ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ الْمَوْصِلِ قَدِ اجْتَمَعُوا بِتَكْرِيتَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْكَفَرَةِ يُقَالُ لَهُ الْأَنْطَاقُ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِأَمْرِ جَلُولَاءَ وَاجْتِمَاعِ الْفُرْسِ بِهَا، وَبِأَمْرِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ، فَتَقَدَّمَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كِتَابِ عُمَرَ فِي أَهْلِ جَلُولَاءَ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا. وَكَتَبَ عُمَرُ فِي قَضِيَّةِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ الَّذِينَ قَدِ اجْتَمَعُوا بِتَكْرِيتَ عَلَى الْأَنْطَاقِ، أَنْ يُعَيِّنَ جَيْشًا لِحَرْبِهِمْ، وَيُؤَمِّرَ عَلَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُعْتَمِّ، وَأَنْ يَجْعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ ربعي بن الأفكل الغزى، وَعَلَى الْمَيْمَنَةِ الْحَارِثَ بْنَ حَسَّانَ الذُّهْلِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ الْعِجْلِيَّ، وَعَلَى السَّاقَةِ هَانِئَ بْنَ قَيْسٍ، وَعَلَى الْخَيْلِ عَرْفَجَةَ بْنَ هرثمة. ففصل عبد الله ابن الْمُعْتَمِّ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَدَائِنِ، فَسَارَ فِي أَرْبَعٍ حَتَّى نَزَلَ بِتَكْرِيتَ عَلَى الْأَنْطَاقِ، وقد اجتمع

<<  <  ج: ص:  >  >>