للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غفيرا، وخلقا كثيرا، وجمعا عظيما، وَاسْتَلَبُوا مِنْهُ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ إِلَى تُسْتَرَ، فَتَحَصَّنَ بِهَا، وَبَعَثُوا إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ الْأُسُودُ بْنُ سَرِيعٍ فِي ذَلِكَ- وَكَانَ صَحَابِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.

لَعَمْرُكَ ما أضاع بنو أبينا ... ولكن حافظوا فيمن يطيعوا

أطاعوا ربهم وعصاه قوم ... أضاعوا أمره فيمن يُضِيعُ

مَجُوسٌ لَا يُنَهْنِهُهَا كِتَابٌ ... فَلَاقَوْا كَبَّةً فِيهَا قُبُوعُ

وَوَلَّى الْهُرْمُزَانُ عَلَى جَوَادٍ ... سَرِيعِ الشَّدِّ يَثْفِنُهُ الْجَمِيعُ

وَخَلَّى سُرَّةَ الْأَهْوَازِ كَرْهًا ... غَدَاةَ الْجِسْرِ إِذْ نَجَمَ الرَّبِيعُ

وَقَالَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ وَكَانَ صَحَابِيًّا أَيْضًا:

غَلَبْنَا الْهُرْمُزَانَ عَلَى بِلَادٍ ... لَهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ذَخَائِرْ

سَوَاءٌ بَرُّهُمْ وَالْبَحْرُ فِيهَا ... إِذَا صَارَتْ نَوَاحِيهَا بَوَاكِرْ

لَهَا بَحْرٌ يَعُجُّ بِجَانِبَيْهِ ... جَعَافِرُ لَا يَزَالُ لَهَا زَوَاخِرْ

فَتْحُ تُسْتَرَ الْمَرَّةُ الْأُولَى صُلْحًا

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: كَانَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي قَوْلِ سَيْفٍ وَرِوَايَتِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَقَالَ غيره: كانت فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ذِكْرُ الْخَبَرِ عَنْ فَتْحِهَا، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ سَيْفٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَالْمُهَلَّبِ وعمرو قالوا: ولما افْتَتَحَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ سُوقَ الْأَهْوَازِ، وَفَرَّ الْهُرْمُزَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَعَثَ فِي إِثْرِهِ جَزْءَ بْنَ مُعَاوِيَةَ- وَذَلِكَ عَنْ كِتَابِ عُمَرَ بِذَلِكَ- فَمَا زَالَ جَزْءٌ يَتْبَعُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَامَهُرْمُزَ فَتَحَصَّنَ الْهُرْمُزَانُ فِي بِلَادِهَا، وَأَعْجَزَ جَزْءًا تَطَلُّبُهُ، وَاسْتَحْوَذَ جَزْءٌ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ وَالْأَقَالِيمِ وَالْأَرَاضِي، فَضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِهَا، وَعَمَّرَ عَامِرَهَا، وَشَقَّ الْأَنْهَارَ إِلَى خَرَابِهَا وَمَوَاتِهَا: فَصَارَتْ فِي غَايَةِ الْعِمَارَةِ وَالْجَوْدَةِ. وَلَمَّا رَأَى الْهُرْمُزَانُ ضِيقَ بلاده عليه لمجاورة الْمُسْلِمِينَ، طَلَبَ مِنْ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُصَالَحَةَ، فَكَتَبَ إِلَى حُرْقُوصٍ، فَكَتَبَ حُرْقُوصٌ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، وَكَتَبَ عُتْبَةُ إِلَى عُمَرَ فِي ذَلِكَ. فَجَاءَ الْكِتَابُ الْعُمَرِيُّ بِالْمُصَالَحَةِ عَلَى رَامَهُرْمُزَ، وتستر، وجندسابور، وَمَدَائِنَ أُخَرَ مَعَ ذَلِكَ. فَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ذِكْرُ غَزْوِ بِلَادِ فَارِسَ مِنْ نَاحِيَةِ البحرين

(فيما حكاه ابن جرير عن سيف في هذه السنة) وَذَلِكَ أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ كَانَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ فِي أَيَّامِ الصِّدِّيقِ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ عَزَلَهُ عَنْهَا وَوَلَّاهَا لِقُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ. ثُمَّ أَعَادَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَيْهَا. وَكَانَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ يُبَارِي سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ. فَلَمَّا افْتَتَحَ سَعْدٌ الْقَادِسِيَّةَ، وَأَزَاحَ كِسْرَى عَنْ دَارِهِ، وَأَخَذَ حُدُودَ مَا يَلِي السَّوَادَ، وَاسْتَعْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>