للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشية غادرت ابن أقرم ثاويا ... وعكاشة العمى عِنْدَ مَجَالِ

وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: باللَّه الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا اطَّلَعْنَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَادِسِيَّةِ يُرِيدُ الدُّنْيَا مَعَ الْآخِرَةِ، وَلَقَدِ اتَّهَمْنَا ثلاثة نفر فما رأينا كما هجمنا عليهم من أمانتهم وزهدهم، طليحة بن خويلد الأسدي، وعمرو بن معديكرب، وقيس ابن المكشوح. قال ابن عساكر: ذكر أبو الحسين محمد بن أحمد بن الفراس الْوَرَّاقُ أَنَّ طُلَيْحَةَ اسْتُشْهِدَ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مَعَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ

ابن عبد الله بن عمرو بن عاصم بن عمرو بن زبيد الأصغر بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ مَازِنَ بْنِ ربيعة ابن شيبة وهو زبيد الأكبر بن الحارث بن صعف بْنِ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ بْنِ مُذْحِجٍ الزُّبَيْدِيُّ الْمُذْحِجِيُّ أَبُو ثَوْرٍ، أَحَدُ الْفُرْسَانِ الْمَشَاهِيرِ الْأَبْطَالِ، وَالشُّجْعَانِ الْمَذَاكِيرِ، قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ تِسْعٍ، وَقِيلَ عَشْرٍ، مَعَ وَفْدِ مُرَادٍ، وَقِيلَ فِي وَفْدِ زُبَيْدٍ قَوْمِهِ. وَقَدِ ارْتَدَّ مَعَ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ فَسَارَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَقَاتَلَهُ فَضَرَبَهُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ بِالسَّيْفِ عَلَى عَاتِقِهِ فَهَرَبَ وَقَوْمُهُ، وَقَدِ اسْتَلَبَ خَالِدٌ سَيْفَهُ الصَّمْصَامَةَ، ثُمَّ أُسِرَ وَدُفِعَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَنَّبَهُ وَعَاتَبَهُ واستنابه، فتاب وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَسَيَّرَهُ إِلَى الشَّامِ، فَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ ثُمَّ أَمَرَهُ عُمَرُ بِالْمَسِيرِ إِلَى سَعْدٍ وَكَتَبَ بِالْوَصَاةِ بِهِ، وَأَنْ يُشَاوَرَ وَلَا يُوَلَّى شَيْئًا، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ. وَقِيلَ إِنَّهُ قُتِلَ بِهَا، وَقِيلَ بِنَهَاوَنْدَ، وَقِيلَ مَاتَ عَطَشًا فِي بَعْضِ الْقُرَى يُقَالُ لَهَا رَوْذَةُ فاللَّه أعلم. وذلك كله في إِحْدَى وَعِشْرِينَ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ رَثَاهُ مَنْ قَوْمِهِ:

لَقَدْ غَادَرَ الرُّكْبَانُ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ... بِرَوْذَةَ شَخْصًا لَا جَبَانًا وَلَا غَمْرَا

فَقُلْ لِزُبَيْدٍ بل لمذحج كلها ... رزئتم أبا ثور قريع الوغى عَمْرَا

وَكَانَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ الْمُجِيدِينَ، فَمِنْ شِعْرِهِ:

أَعَاذِلَ عُدَّتِي بَدَنِي وَرُمْحِي ... وَكُلُّ مُقَلَّصٍ سَلِسِ الْقِيَادِ

أَعَاذِلَ إِنَّمَا أَفْنَى شَبَابِي ... إِجَابَتِيَ الصَّرِيخَ إِلَى المنادي

مع الأبطال حتى سل جسمي ... وأقرع عَاتِقِي حَمْلُ النِّجَادِ

وَيَبْقَى بَعْدَ حِلْمِ الْقَوْمِ حِلْمِي ... وَيَفْنَى قَبْلَ زَادِ الْقَوْمِ زَادِي

تَمَنَّى أَنْ يُلَاقِينِي قُيَيْسٌ ... وَدِدْتُ وَأَيْنَمَا مِنِّي وِدَادِي

فَمَنْ ذَا عَاذِرِي مِنْ ذِي سَفَاهٍ ... يَرُودُ بنفسه منى المرادي

أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي ... عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ من مرادى

<<  <  ج: ص:  >  >>