للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَ بِحَقِّكَ فَانْطَلَقَ وَرَاحَ. فَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ فَجَعَلَ يَنْظُرُ هَلْ يَرَى الشَّيْخَ فَلَمْ يَرَهُ فَقَامَ يَتْبَعُهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَعَلَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ وَيَنْتَظِرُهُ فَلَا يَرَاهُ. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْقَائِلَةِ فَأَخَذَ مَضْجَعَهُ أَتَاهُ فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْمَظْلُومُ فَفَتَحَ لَهُ فَقَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِذَا قَعَدْتُ فَأْتِنِي فَقَالَ إِنَّهُمْ أَخْبَثُ قَوْمٍ إِذَا عَرَفُوا أَنَّكَ قَاعِدٌ قَالُوا نَحْنُ نُعْطِيكَ حَقَّكَ وَإِذَا قُمْتَ جَحَدُونِي قَالَ فَانْطَلِقْ فَإِذَا رُحْتُ فَأْتِنِي قَالَ فَفَاتَتْهُ الْقَائِلَةُ فَرَاحَ فَجَعَلَ يَنْتَظِرُ فَلَا يَرَاهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ النُّعَاسُ فَقَالَ لِبَعْضِ أَهْلِهِ لَا تَدَعَنَّ أَحَدًا يَقْرُبُ هَذَا الْبَابَ حَتَّى أَنَامَ فَإِنِّي قَدْ شَقَّ عَلَيَّ النَّوْمُ. فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ السَّاعَةَ جَاءَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ وَرَاءَكَ وَرَاءَكَ فَقَالَ إِنِّي قَدْ أَتَيْتُهُ أَمْسِ فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرِي فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَقَدْ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَدَعَ أَحَدًا يَقْرُبُهُ فَلَمَّا أَعْيَاهُ نَظَرَ فَرَأَى كُوَّةً فِي الْبَيْتِ فَتَسَوَّرَ مِنْهَا فَإِذَا هُوَ فِي الْبَيْتِ وَإِذَا هُوَ يَدُقُّ الْبَابَ مِنْ دَاخِلٍ قَالَ فَاسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا فُلَانُ أَلَمْ آمُرْكَ قَالَ أما من قبلي والله فلم تُؤْتَ فَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ قَالَ فَقَامَ إِلَى الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُغْلَقٌ كَمَا أَغْلَقَهُ وَإِذَا الرَّجُلُ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَعَرَفَهُ فَقَالَ أَعَدُوَّ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ أَعْيَيْتَنِي فِي كُلِّ شيء ففعلت ما ترى لأغضبنك فَسَمَّاهُ اللَّهُ ذَا الْكِفْلِ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِأَمْرٍ فوفا بِهِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَرِيبًا مِنْ هَذَا السِّيَاقِ. وهكذا روى عن عبد الله ابن الْحَارِثِ وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ نَحْوُ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْجَمَاهِرِ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ كِنَانَةَ بْنِ الْأَخْنَسِ قَالَ سَمِعْتُ الْأَشْعَرِيَّ يَعْنِي أَبَا مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ مَا كَانَ ذُو الْكِفْلِ نَبِيًّا وَلَكِنْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ صَلَاةٍ فَتَكَفَّلَ لَهُ ذُو الْكِفْلِ مِنْ بَعْدِهِ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ صَلَاةٍ فَسُمِّيَ ذَا الْكِفْلِ وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَذَكَرَهُ مُنْقَطِعًا. فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعْدٍ مَوْلَى طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مِرَارٍ وَلَكِنْ قَدْ سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنِ امرأته أرعدت وَبَكَتْ فَقَالَ لَهَا مَا يُبْكِيكِ أَكْرَهْتُكِ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ هَذَا عَمَلٌ لَمْ أَعْمَلْهُ قَطُّ وَإِنَّمَا حَمَلَتْنِي عَلَيْهِ الْحَاجَةُ قَالَ فَتَفْعَلِينَ هَذَا وَلَمْ تَفْعَلِيهِ قَطُّ. ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ اذْهَبِي بِالدَّنَانِيرِ لَكِ. ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَا يَعْصِي اللَّهَ الْكِفْلُ أَبَدًا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ مكتوبا على بابه قد غفر الله لكفل. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ بِهِ وَقَالَ حَسَنٌ. وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ فَوَقَفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا. وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ سَعْدًا هَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ هَذَا فاللَّه أَعْلَمُ. وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَيْسَ هُوَ ذَا الْكِفْلِ وَإِنَّمَا لَفْظُ الْحَدِيثِ الْكِفْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>