لَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُمْ وَسَمِعَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى نَادَاهُمْ بِالْأَمَانِ، فَأَعْطَوْهُ الْأَمَانَ، وَكَتَبَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ كِتَابَ أَمَانٍ عَنْ إِذْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [ثُمَّ قُدِمَ بِهِ بَعْدَ غَزْوَةِ الطَّائِفِ فَأَسْلَمَ وَأَكْرَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [١] وَهُوَ الْقَائِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟
فَقَالَ لَهُ: «بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ. دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
[ثم دخلت سنة خمس وعشرين]
وفيها نقض أهل الاسكندرية الْعَهْدَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ بَعَثَ إِلَيْهِمْ معويل الْخَصِيَّ فِي مَرَاكِبَ مِنَ الْبَحْرِ فَطَمِعُوا فِي النُّصْرَةِ وَنَقَضُوا ذِمَّتَهُمْ، فَغَزَاهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ في ربيع الأول، فَافْتَتَحَ الْأَرْضَ عَنْوَةً وَافْتَتَحَ الْمَدِينَةَ صُلْحًا. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَفِيهَا فِي قَوْلِ سَيْفٍ عَزَلَ عُثْمَانُ سَعْدًا عَنِ الْكُوفَةِ وَوَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مَكَانَهُ، فَكَانَ هَذَا مِمَّا نُقِمَ عَلَى عُثْمَانَ.
وَفِيهَا وَجَّهَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ لِغَزْوِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَاسْتَأْذَنَهُ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فِي غَزْوِ إِفْرِيقِيَّةَ فَأَذِنَ لَهُ وَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا عَزَلَ عُثْمَانُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ مِصْرَ وَوَلَّى عَلَيْهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَقِيلَ بَلْ كَانَ هَذَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا سَيَأْتِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِيهَا فَتَحَ مُعَاوِيَةُ الْحُصُونَ، وَفِيهَا وُلِدَ ابْنُهُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فِيهَا أَمَرَ عُثْمَانُ بِتَجْدِيدِ أَنْصَابِ الْحَرَمِ. وَفِيهَا وَسَّعَ الْمَسْجِدَ الحرام. وفيها عزل سعدا عن الكوفة وولاها الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، وَكَانَ سَبَبُ عَزْلِ سَعْدٍ أَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَالًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَمَّا تَقَاضَاهُ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ قَضَاؤُهُ تَقَاوَلَا، وَجَرَتْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ شَدِيدَةٌ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمَا عُثْمَانُ فَعَزَلَ سَعْدًا وَاسْتَعْمَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ عَلَى عَرَبِ الْجَزِيرَةِ- فَلَمَّا قَدِمَهَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِينَ وَلَيْسَ عَلَى دَارِهِ بَابٌ، وَكَانَ فِيهِ رِفْقٌ بِرَعِيَّتِهِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَفِيهَا افْتَتَحَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ سَابُورَ صُلْحًا عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سبع وعشرين
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ: وَفِيهَا عَزَلَ عُثْمَانُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ مِصْرَ وَوَلَّى عَلَيْهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ- وَكَانَ أَخَا عُثْمَانَ لِأُمِّهِ- وَهُوَ الَّذِي شَفَعَ لَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ حِينَ كَانَ أَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دمه.
غَزْوَةُ إِفْرِيقِيَّةَ
أَمَرَ عُثْمَانُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنْ يَغْزُوَ بِلَادَ إفريقية فإذا افتتحها الله عليه فله خمس
[١] سقط من الحلبية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute