للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ كَوَاهِلِهَا، وَيَضِيقُ فَضَاءُ الْأَرْضِ وَرَحْبُهَا عَلَيْكَ. فقال مُعَاوِيَةُ: لَوْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ كَانَتْ عَلَيْكَ أَضْيَقَ. وَخَرَجَ الْقَوْمُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَذَهَبُوا إلى على فأخبروه بما قال. وبعث معاوية حبيب بن مسلمة الهفرى، وَشُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ، وَمَعْنَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْأَخْنَسِ إِلَى عَلِيٍّ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَبَدَأَ حَبِيبٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ خَلِيفَةً مَهْدِيًّا عَمِلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَثَبَتَ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَاسْتَثْقَلْتُمْ حَيَاتَهُ، وَاسْتَبْطَأْتُمْ وَفَاتَهُ، فَعَدَوْتُمْ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُمُوهُ فادفع إلينا قتلته إِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، ثُمَّ اعْتَزِلْ أَمْرَ النَّاسِ فَيَكُونَ أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ، فَيُوَلِّي الناس أمرهم من جمع عَلَيْهِ رَأْيَهُمْ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: وَمَا أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ، وَهَذَا الْأَمْرَ وَهَذَا الْعَزْلَ، فَاسْكُتْ فَإِنَّكَ لَسْتَ هُنَاكَ وَلَا بِأَهْلٍ لِذَاكَ. فَقَالَ لَهُ حَبِيبٌ: أَمَا وَاللَّهِ لَتَرَيَنِّي حَيْثُ تَكْرَهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: وَمَا أَنْتَ وَلَوْ أَجَلَبْتَ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ لَا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ، اذْهَبْ فَصَعِّدْ وَصَوِّبْ مَا بَدَا لَكَ. ثُمَّ ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ كَلَامًا طَوِيلًا جَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَلِيٍّ، وَفِي صِحَّةٍ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَعَنْهُ نَظَرٌ فَإِنَّ فِي مَطَاوِي ذَلِكَ الكلام من عَلِيٍّ مَا يَنْتَقِصُ فِيهِ مُعَاوِيَةَ وَأَبَاهُ، وَإِنَّهُمْ انما دخلوا في الإسلام وَلَمْ يَزَالَا فِي تَرَدُّدٍ فِيهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ قَالَ فِي غُبُونِ ذَلِكَ: لَا أَقُولُ إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُومًا وَلَا ظَالِمًا. فَقَالُوا: نَحْنُ نَبْرَأُ مِمَّنْ لَمْ يَقُلْ إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُومًا، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلى من يؤمن بئايتنا فهم مسلمون) ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا يَكُنْ هَؤُلَاءِ أَوْلَى بِالْجِدِّ فِي ضَلَالَتِهِمْ مِنْكُمْ بِالْجِدِّ فِي حَقِّكُمْ وَطَاعَةِ نَبِيِّكُمْ، وَهَذَا عِنْدِي لَا يَصِحُّ عَنْ على رضى الله عنه. وروى ابن ديزيل من طريق عمرو بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ قُرَّاءَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَقُرَّاءَ أَهْلِ الشَّامِ عَسْكَرُوا نَاحِيَةً وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ قُرَّاءِ الْعِرَاقِ مِنْهُمْ عَبِيدَةُ السُّلْمَانِيُّ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عتبة بن مسعود، وغيرهم جاءوا مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا لَهُ: مَا تَطْلُبُ؟ قَالَ: أَطْلُبُ بدم عثمان قالوا: فمن تَطْلُبُ بِهِ؟ قَالَ: عَلِيًّا، قَالُوا: أَهْوَ قَتَلَهُ؟ قَالَ:

نَعَمْ! وَأَوَى قَتَلَتَهُ. فَانْصَرَفُوا إِلَى عَلِيٍّ فَذَكَرُوا لَهُ مَا قَالَ فَقَالَ: كَذَبَ! لَمْ أَقْتُلْهُ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ أَقْتُلْهُ. فَرَجَعُوا إلى معاوية فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ قَتَلَهُ بِيَدِهِ فَقَدْ أمر رجالا. فرجعوا إلى على فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا قَتَلْتُ وَلَا أَمَرْتُ وَلَا ماليت. فرجعوا فقال معاوية فان كَانَ صَادِقًا فَلْيُقِدْنَا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَإِنَّهُمْ في عسكره وجنده فرجعوا فَقَالَ عَلِيٌّ: تَأَوَّلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِي فِتْنَةٍ وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ لِأَجْلِهَا وَقَتَلُوهُ فِي سُلْطَانِهِ وليس لي عليهم وسبيل. فَرَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الأمر على ما يقول فما له أنفذ الْأَمْرَ دُونَنَا مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا وَلَا ممن هاهنا؟ فرجعوا إلى على فقال على: إنما الناس مع الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَهُمْ شُهُودُ النَّاسِ عَلَى وِلَايَتِهِمْ وأمر دينهم، ورضوا وَبَايَعُونِي، وَلَسْتُ أَسْتَحِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>