إِنَّ سَبَبَ مَوْتِهِ أَنَّهُ حَمَلَ قِرْدَةً وَجَعَلَ يُنَقِّزُهَا فَعَضَّتْهُ. وَذَكَرُوا عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ] [١] وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبى مدعور: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: اللَّهمّ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا لَمْ أُحِبُّهُ، وَلَمْ أُرِدْهُ، وَاحْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ آمَنْتُ باللَّه الْعَظِيمِ مَاتَ يَزِيدُ بِحُوَّارِينَ مِنْ قُرَى دِمَشْقَ فِي رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلنِّصْفِ مِنْهُ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ، وَقِيلَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَمَعَ هَذَا فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سِنِّهِ وَمَبْلَغِ أَيَّامِهِ فِي الْإِمَارَةِ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ مِنْ هَذِهِ التَّحْدِيدَاتِ انْزَاحَ عَنْكَ الْإِشْكَالُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: جَاوَزَ الأربعين حين مات فاللَّه أعلم. ثم حمل بعد موته إِلَى دِمَشْقَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يزيد أمير المؤمنين يومئذ، ودفن بمقابر باب الصَّغِيرِ، وَفِي أَيَّامِهِ وُسِّعَ النَّهْرُ الْمُسَمَّى بِيَزِيدَ فِي ذَيْلِ جَبَلِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ جَدْوَلًا صَغِيرًا فَوَسَّعَهُ أَضْعَافَ مَا كَانَ يَجْرِي فِيهِ مِنَ الماء.
وقال ابن عَسَاكِرَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَبْدِيُّ قَاضِي الْبَحْرَيْنِ- مِنْ لَفْظِهِ وَكَتَبَهُ لِي بِخَطِّهِ- قَالَ: رَأَيْتُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ قَتَلْتَ الْحُسَيْنَ؟
فَقَالَ: لَا! فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ. قُلْتُ: فَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَأَى مُعَاوِيَةَ يَحْمِلُ يَزِيدَ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَحْمِلُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ النَّارِ» ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ. وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ لَمْ يُولَدْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِنَّمَا وُلِدَ بَعْدَ الْعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ:
ذِكْرُ أَوْلَادِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعَدَدِهِمْ
فَمِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُكَنَّى أَبَا لَيْلَى وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فيه الشاعر: -
إني أرى فتنة قدحان أَوَّلُهَا ... وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ يُكَنَّى أَبَا هَاشِمٍ كَانَ يُقَالُ إِنَّهُ أَصَابَ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ، وأمهما أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ يَزِيدَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا الشَّاعِرُ:
انْعَمِي أُمَّ خَالِدٍ ... رُبَّ ساع كقاعد
[١] سقط من المصرية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.patreon.com/shamela4