للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَعَمْرِي لَنِعْمَ الْمَرْءُ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ ... بِحَوْرَانَ أمسى أعلقته الحبائل

فان تحيا لا أملك حَيَاتِي وَإِنْ تَمُتْ ... فَمَا فِي حَيَاتِي بَعْدَ مَوْتِكَ طَائِلُ

وَفِيهَا كَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى قُتَيْبَةَ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاجَزَةِ الْأَعْدَاءِ، وَيَعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَجْزِيهِ خَيْرًا، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا صَنَعَ مِنَ الْجِهَادِ وَفَتْحِ الْبِلَادِ وَقِتَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ. وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ اسْتَخْلَفَ عَلَى الصَّلَاةِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَوَلَّى الْوَلِيدُ الصَّلَاةَ وَالْحَرْبَ بِالْمِصْرَيْنِ- الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ- يَزِيدَ بْنَ أَبِي كَبْشَةَ، وَوَلَّى خَرَاجَهُمَا يَزِيدَ بن مسلم، وقيل كان الحجاج يَسْتَخْلِفُهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَأَقَرَّهُمَا الْوَلِيدُ، وَاسْتَمَرَّ سَائِرُ نُوَّابِ الْحَجَّاجِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَكَانَتْ وَفَاةُ الْحَجَّاجِ لِخَمْسٍ، وَقِيلَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ مَاتَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَهُ أَبُو مَعْشَرٍ وَالْوَاقِدِيُّ. وَفِيهَا قُتِلَ الْوَضَّاحِيُّ بِأَرْضِ الرُّومِ وَمَعَهُ أَلْفٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَوْلِدُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابن على بن عبد الله بن عباس.

وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ وَذِكْرُ وفاته

هو الحجاج بن يوسف بْنِ أَبِي عَقِيلِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عَامِرِ بْنُ مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عمرو ابن سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ، وَهُوَ قَسِيُّ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَرَوَى عَنْ أَنَسٍ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَرَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطويل، ومالك بن دينار، وجواد بْنُ مُجَالِدٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. قَالَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، قَالَ: وَكَانَتْ له بدمشق دور منها دار الرواية بِقُرْبِ قَصْرِ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ. وَوَلَّاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحِجَازَ فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا وَوَلَّاهُ الْعِرَاقَ.

وَقَدِمَ دِمَشْقَ وَافِدًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: خَطَبَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ فَذَكَرَ الْقَبْرَ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: إِنَّهُ بَيْتُ الْوَحْدَةِ، وَبَيْتُ الْغُرْبَةِ، حَتَّى بَكَى وأبكى مَنْ حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَرْوَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ:

خَطَبَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «مَا نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرٍ أَوْ ذَكَرَهُ إِلَّا بَكَى» . وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَاهِدٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ، وَسَاقَ مِنْ طريق أحمد بن عبد الجبار: ثنا يسار عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا يَحْيَى أَلَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ حَسَنٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى! فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ فَلْيَدْعُ بِهَا فِي دُبُرِ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَاهِدٌ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ فِي السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>