للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيِّ، وَكَانَتْ جَمِيلَةً، وَكَانَ هُوَ دَمِيمَ الْخَلْقِ أَسْوَدَ اللَّوْنَ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فُحْشٌ وَلَا خَنَا وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا قَطُّ وَلَا رَأَتْهُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَسْمَعُ بِهِ وَيَسْمَعُ بِهَا، وَيُقَالُ: إِنَّهَا كَانَتْ تَنْذُرُ إِنْ هِيَ رَأَتْهُ أن تذبح جزورا، فلما رأته قالت: وا سوأتاه وا سوأتاه، وَلَمْ تُبْدِ لَهُ وَجْهَهَا قَطُّ إِلَّا مَرَّةً واحدة، فأنشأ

يقول: على وجه مى لمحة مِنْ حَلَاوَةٍ ... وَتَحْتَ الثِّيَابِ الْعَارُ لَوْ كَانَ باديا

قال فانسلخت من ثيابها فقال:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْمَاءَ يَخْبُثُ طَعْمُهُ ... وَإِنْ كَانَ لَوْنُ الْمَاءِ أَبْيَضَ صَافِيَا

فَقَالَتْ: تُرِيدُ أَنْ تَذُوقَ طَعْمَهُ؟ فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ، فَقَالَتْ: تَذُوقُ الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ تَذُوقَهُ.

فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

فوا ضيعة الشعر الّذي راح وَانْقَضَى ... بِمَيٍّ وَلَمْ أَمْلِكْ ضَلَالَ فُؤَادِيَا

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَمِنْ شَعْرِهِ السَّائِرِ بَيْنَ النَّاسِ ما أنشده:

إذا هبت الأرياح مِنْ نَحْوِ جَانِبٍ ... بِهِ أَهْلُ مَيٍّ هَاجَ شوقي هُبُوبُهَا

هَوًى تَذْرِفُ الْعَيْنَانِ مِنْهُ وَإِنَّمَا ... هَوَى كُلِّ نَفْسٍ أَيْنَ حَلَّ حَبِيبُهَا

وَأَنْشَدَ عِنْدَ الموت:

يا قابض الأرواح في جسمي إِذَا احْتُضِرَتْ ... وَغَافِرَ الذَّنْبِ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

فِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ وَسُلَيْمَانُ ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِلَادَ الرُّومِ، وَفِيهَا قَصَدَ شَخْصٌ يُقَالُ لَهُ: عَمَّارُ بْنُ يَزِيدَ، ثُمَّ سمى بخداش، إلى بلاد خراسان ودعا النَّاسَ إِلَى خِلَافَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَاسْتَجَابَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَلَمَّا الْتَفُّوا عَلَيْهِ دَعَاهُمْ إِلَى مَذْهَبِ الحزمية الزَّنَادِقَةِ، وَأَبَاحَ لَهُمْ نِسَاءَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَزَعَمَ لَهُمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ ذَلِكَ، وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ فَأَظْهَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الدَّوْلَةَ فَأُخِذَ فَجِيءَ بِهِ إِلَى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ أَمِيرِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَسُلَّ لِسَانُهُ ثُمَّ صُلِبَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بن إسماعيل أمير المدينة، وَقِيلَ إِنَّ إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ مَعَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كان قد عزل وولى مكانه محمد بن هشام بن إسماعيل، وكان أمير العراق الْقَسْرِيُّ.

وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ:

عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بن عباس

ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ أَبُو الْحَسَنِ، وَيُقَالُ أبو محمد، وأمه زرعة بنت مسرح بن معديكرب الكندي، أحد الملوك الأربعة الأقيال المذكورين في الحديث الّذي رواه أحمد، وهم مسرح،؟ وحمل، ومخولس، وَأَبْضَعَةُ: وَأُخْتُهُمُ الْعَمَرَّدَةُ وَكَانَ مَوْلِدُ عَلِيٍّ هَذَا يَوْمَ قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>