[المجلد العاشر]
[تتمة سنة خمس وعشرين ومائه]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
خِلَافَةُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الفاسق
قال الواقدي: بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ يَوْمَ مَاتَ عَمُّهُ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: بُويِعَ لَهُ يَوْمَ السَّبْتِ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَكَانَ عُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً. وَكَانَ سَبَبُ وِلَايَتِهِ أَنَّ أَبَاهُ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ قَدْ جَعَلَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ لِأَخِيهِ هِشَامٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ الْوَلِيدِ هَذَا، فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامٌ أَكْرَمَ ابْنَ أَخِيهِ الْوَلِيدَ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِ أَمْرُ الشَّرَابِ وَخُلَطَاءِ السُّوءِ وَمَجَالِسِ اللَّهْوِ، فَأَرَادَ هِشَامٌ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ عَنْهُ فَأَمَّرَهُ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، فَأَخَذَ مَعَهُ كِلَابُ الصَّيْدِ خُفْيَةً مِنْ عَمِّهِ، حتى يقال إِنَّهُ جَعَلَهَا فِي صَنَادِيقَ فَسَقَطَ مِنْهَا صُنْدُوقٌ فِيهِ كَلْبٌ فَسَمِعَ صَوْتَهُ فَأَحَالُوا ذَلِكَ عَلَى الْجَمَّالِ فَضُرِبَ عَلَى ذَلِكَ.
قَالُوا: وَاصْطَنَعَ الْوَلِيدُ قُبَّةً عَلَى قَدْرِ الْكَعْبَةِ، وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَنْصِبَ تِلْكَ الْقُبَّةَ فَوْقَ سَطْحِ الْكَعْبَةِ وَيَجْلِسَ هو وأصحابه هنالك، واستصحب معه الخمور وآلات الملاهي وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ هَابَ أَنْ يَفْعَلَ مَا كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ، مِنَ الْجُلُوسِ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ خَوْفًا مِنَ النَّاسِ وَمِنْ إِنْكَارِهِمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ عَمُّهُ ذَلِكَ مِنْهُ نَهَاهُ مِرَارًا فَلَمْ يَنْتَهِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ الْقَبِيحِ، وَعَلَى فِعْلِهِ الرَّدِيءِ، فَعَزَمَ عَمُّهُ عَلَى خَلْعِهِ مِنَ الْخِلَافَةِ- وَلَيْتَهُ فَعَلَ- وَأَنْ يُوَلِّيَ بَعْدَهُ مَسْلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَمِنْ أَخْوَالِهِ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِنْ غَيْرِهِمْ، وَلَيْتَ ذَلِكَ تَمَّ. وَلَكِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ حَتَّى قَالَ هِشَامٌ يَوْمًا لِلْوَلِيدِ: وَيْحَكَ! وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَعْلَى الْإِسْلَامِ أَنْتَ أَمْ لَا، فإنك لم تَدَعُ شَيْئًا مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute