للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الشَّافِعِيِّ: لَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ النَّاقِصُ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْقَدَرِ وَحَمَلَهُمْ عليه وقرب غيلان. قاله ابن عساكر. قال: وَلَعَلَّهُ قَرَّبَ أَصْحَابَ غَيْلَانَ، لِأَنَّ غَيْلَانَ قَتَلَهُ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ الوليد الناقص وا حزناه وا شقاآه. وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ الْعَظَمَةُ للَّه. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْخَضْرَاءِ مِنْ طَاعُونٍ أَصَابَهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ لسبع مضين من ذي الحجة، وَقِيلَ يَوْمَ الْأَضْحَى مِنْهُ، وَقِيلَ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ، وَقِيلَ لِعَشْرٍ بَقَيْنَ مِنْهُ، وَقِيلَ فِي سَلْخِهِ، وَقِيلَ فِي سَلْخِ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي عُمْرِهِ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فاللَّه أَعْلَمُ. وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَقِيلَ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ وَأَيَّامٌ. وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَهُوَ ولى العهد مِنْ بَعْدِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ أَنَّهُ دُفِنَ بَيْنَ بَابِ الْجَابِيَةِ وَبَابِ الصَّغِيرِ، وَقِيلَ إِنَّهُ دُفِنَ بِبَابِ الْفَرَادِيسِ، وَكَانَ أَسْمَرَ نَحِيفًا حَسَنَ الْجِسْمِ حَسَنَ الوجه. وقال على بن محمد المديني: كَانَ يَزِيدُ أَسْمَرَ طَوِيلًا صَغِيرَ الرَّأْسِ بِوَجْهِهِ خَالٌ، وَكَانَ جَمِيلًا، فِي فَمِهِ بَعْضُ السِّعَةِ وليس بالمفرط. وحج بالناس فيها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وَهُوَ نَائِبُ الْحِجَازِ، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ نَائِبُ الْعِرَاقِ، وَنَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ عَلَى نِيَابَةِ خُرَاسَانَ، والله سبحانه أَعْلَمُ. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:

خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ

ابن أَسَدِ بْنِ كُرْزِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْقَرِيٍّ، أَبُو الْهَيْثَمِ الْبَجَلِيُّ الْقَسْرِيُّ الدَّمَشْقِيُّ، أَمِيرُ مَكَّةَ والحجاز للوليد ثم لسليمان، وأمير العراقين لهشام خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَتْ دَارُهُ بِدِمَشْقَ فِي مُرَبَّعَةِ الْقَزِّ وَتُعْرَفُ الْيَوْمَ بدار الشريف اليزيدي، وإليه ينسب الحمام الّذي داخل باب توما، رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «يَا أَسَدُ [١] أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ:

فَأَحِبَّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا تُحِبَّ لِنَفْسِكَ» . رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هيثم عن سيار من أَبِي الْحَكَمِ أَنَّهُ سَمِعَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ ذَلِكَ. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَوْسَطَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي حبيب، وحميد الطويل. وروى أَنَّهُ رَوَى عَنْ جَدُّهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَكْفِيرِ الْمَرَضِ الذُّنُوبَ. وَكَانَتْ أَمُّهُ نَصْرَانِيَّةً، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عياش في الأشراف، فيمن أَمُّهُ نَصْرَانِيَّةٌ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: أَوَّلُ مَا عُرِفَ من رياسته أنه وطأ صَبِيًّا بِدِمَشْقَ بِفَرَسِهِ فَحَمَلَهُ فَأَشْهَدَ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ هُوَ صَاحِبُهُ، فَإِنْ مَاتَ فَعَلَيْهِ ديته، وقد استنابه الوليد على الحجاز من سنة تسع وثمانين إلى أن توفى الوليد ثم سليمان، وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ اسْتَنَابَهُ هِشَامٌ عَلَى العراق إلى سنة عشرين ومائة، وسلمه إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الَّذِي وَلَّاهُ مَكَانَهُ فعاقبه وأخذ منه أموالا ثم أطلقه، وأقام بِدِمَشْقَ إِلَى الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَسَلَّمَهُ الوليد بن يزيد إلى يوسف بن عمر يستخلص منه خمسين ألف ألف، فمات تحت


[١] في تاريخ ابن عساكر (٥: ٦٧) : «يا يزيد بن أسد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>