جعلت الندا مِنْ كَفِّهِ مِثْلَ مَوْجِهِ ... فَسَلِّمْهُ وَاجْعَلْ مَوْجَهُ مثل كفه
مَاتَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ هَذَا يَوْمَ السَّبْتِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ ومائتين، وكان مولده سنة سبع وخمسين، وَكَانَ الَّذِي سَارَ إِلَى وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ إلى الرَّقَّةِ يُعَزِّيهِ فِي أَبِيهِ وَيُهَنِّيهِ بِوِلَايَةِ تِلْكَ الْبِلَادِ، الْقَاضِي يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ عَنْ أَمْرِ المأمون. وفيها غَلَا السِّعْرُ بِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، حَتَّى بَلَغَ سعر القفيز من الحنطة أربعين درهما. وفيها حج بالناس أَبُو عَلِيِّ بْنُ الرَّشِيدِ أَخُو الْمَأْمُونِ.
وَفِيهَا توفى
بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ. وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. وعبد الصمد بن عبد الوارث. وقراد ابن نُوحٍ. وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَاضِي بَغْدَادَ وَصَاحِبُ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي. وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ.
وَيَحْيَى بْنُ زياد عبد الله بن منصور
أَبُو زَكَرِيَّا الْكُوفِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ مَوْلَى بَنِي سَعْدٍ الْمَشْهُورُ بِالْفَرَّاءِ شَيْخُ النُّحَاةِ وَاللُّغَوِيِّينَ وَالْقُرَّاءِ، كان يُقَالُ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النَّحْوِ، وَرَوَى الحديث عن حازم بن الحسن الْبَصْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ مالك يوم الدين بألف» رَوَاهُ الْخَطِيبُ قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا. وَذُكِرَ أَنَّ الْمَأْمُونَ أَمَرَهُ بِوَضْعِ كِتَابٍ فِي النَّحْوِ فَأَمْلَاهُ وَكَتَبَهُ النَّاسُ عَنْهُ، وَأَمَرَ الْمَأْمُونُ بِكَتْبِهِ فِي الْخَزَائِنِ، وَأَنَّهُ كَانَ يُؤَدِّبُ وَلَدَيْهِ وَلِيَّيِ العهد من بعده، فَقَامَ يَوْمًا فَابْتَدَرَاهُ أَيُّهُمَا يُقَدِّمُ نَعْلَيْهِ، فَتَنَازَعَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُقَدِّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَعْلًا، فَأَطْلَقَ لَهُمَا أَبُوهُمَا عِشْرِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَلِلْفَرَّاءِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ لَهُ: لَا أَعَزَّ مِنْكَ إِذْ يُقَدِّمُ نعليك ولدا أمير المؤمنين ووليا العهد من بعده. وروى أن بشر الْمَرِيسِيَّ أَوْ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ سَأَلَ الْفَرَّاءَ عَنْ رَجُلٍ سَهَا فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَقَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا الْمُصَغَّرُ لَا يُصَغَّرُ. فَقَالَ: مَا رأيت أَنَّ امْرَأَةً تَلِدُ مِثْلَكَ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ ابْنَ خالة الفراء، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصُّولِيُّ: تُوُفِّيَ الْفَرَّاءُ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَتَيْنِ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ، وَقِيلَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَقَدِ امْتَدَحُوهُ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ في مصنفاته.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا ذَهَبَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ أَخُو طَاهِرٍ فَارًّا مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى كَرْمَانَ فَعَصَى بِهَا، فَسَارَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ فَحَاصَرَهُ حَتَّى نَزَلَ قَهْرًا، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الْمَأْمُونِ فَعَفَا عَنْهُ فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَفِيهَا اسْتَعْفَى مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ مِنَ الْقَضَاءِ فَأَعْفَاهُ الْمَأْمُونُ وَوَلَّى مَكَانَهُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَفِيهَا وَلَّى الْمَأْمُونُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيَّ الْقَضَاءَ بِعَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْ قَرِيبٍ وَوَلَّى مَكَانَهُ بشر بن سعيد بْنَ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيَّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ منها، فقال المخزومي في ذلك: -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute