للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَزَّارِ بِبَغْدَادَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ الْأَيْلِيُّ. وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذهلي حنكان. ويونس ابن حَبِيبٍ رَاوِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْهُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ

فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا اسْتَأْمَنَ جَعْفَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بالسجان- وكان من أكابر صَاحِبِ الزَّنْجِ وَثِقَاتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ- الْمُوَفَّقَ فَأَمَّنَهُ وَفَرِحَ بِهِ وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُ فَرَكِبَ فِي سُمْرَتِهِ فَوَقَفَ تُجَاهَ قَصْرِ الْمَلِكِ فَنَادَى فِي النَّاسِ وَأَعْلَمَهُمْ بِكَذِبِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَفُجُورِهِ، وَأَنَّهُ فِي غُرُورٍ هُوَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ، فَاسْتَأْمَنَ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِشْرٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَبَرَدَ قِتَالُ الزَّنْجِ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى رَبِيعٍ الْآخَرِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ الْمُوَفَّقُ أَصْحَابَهُ بِمُحَاصَرَةِ السُّورِ، وَأَمَرَهُمْ إِذَا دخلوه أَنْ لَا يَدْخُلُوا الْبَلَدَ حَتَّى يَأْمُرَهُمْ، فَنَقَبُوا السُّورَ حَتَّى انْثَلَمَ ثُمَّ عَجَّلُوا الدُّخُولَ فَدَخَلُوا فَقَاتَلَهُمُ الزَّنْجُ فَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَتَقَدَّمُوا إِلَى وَسَطِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَتْهُمُ الزَّنْجُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَخَرَجَتْ عليهم الكمائن من أماكن لا يهتدون لها، فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقًا كَثِيرًا وَاسْتَلَبُوهُمْ وَفَرَّ الباقون فلامهم الموفق على مخالفته وعلى الْعَجَلَةِ، وَأَجْرَى الْأَرْزَاقَ عَلَى ذُرِّيَّةِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، فَحَسُنَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ جِدًّا، وَظَفِرَ أبو العباس بن الموفق بجماعة من الأعراب كَانُوا يَجْلِبُونَ الطَّعَامَ إِلَى الزَّنْجِ فَقَتَلَهُمْ، وَظَفِرَ بهبوذ بن عبد الله بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ الْفَتْحِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْظَمِ الرَّزَايَا عِنْدَ الزنج. وَبَعْثَ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسِينَ مَنًّا مِنْ مِسْكٍ، وَخَمْسِينَ مَنًّا مِنْ عَنْبَرٍ، وَمِائَتَيْ مَنٍّ من عود، وفضة بقيمة أَلْفٍ وَثِيَابًا مِنْ وَشْيٍ وَغِلْمَانًا كَثِيرَةً جِدًّا. وَفِيهَا خَرَجَ مَلِكُ الرُّومِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّقْلَبِيَّةِ فَحَاصَرَ أَهْلَ مَلَطْيَةَ فَأَعَانَهُمْ أَهْلُ مَرْعَشَ فَفَرَّ الْخَبِيثُ خَاسِئًا. وَغَزَا الصَّائِفَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الثُّغُورِ عامل بن طُولُونَ فَقَتَلَ مِنَ الرُّومِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وحج بالناس فيها هارون الْمُتَقَدِّمُ: وَفِيهَا قُتِلَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الخجستانى.

وفيها توفي من الأعيان أحمد بن سيار. وَأَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ. وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الضَّبِّيُّ. وعيسى ابن أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ. وَقَدْ صَحِبَ الشافعيّ وروى عنه

[ثم دخلت سنة تسع وستين ومائتين]

فيها اجتهد الموفق باللَّه في تخريب مَدِينَةِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فَخَرَّبَ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَتَمَكَّنَ الْجُيُوشُ مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْبَلَدِ، وَلَكِنْ جَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْحَالَةِ سَهْمٌ فِي صَدْرِهِ مِنْ يَدِ رَجُلٍ رُومِيٍّ يُقَالُ لَهُ قِرْطَاسٌ فَكَادَ يَقْتُلُهُ، فَاضْطَرَبَ الْحَالُ لِذَلِكَ وَهُوَ يتجلد ويحض على القتال مع ذلك، ثم أقام ببلده الموفقية أياما يتداوى فاضطربت الأحوال وخوف الناس مِنْ صَاحِبِ الزَّنْجِ، وَأَشَارُوا عَلَى الْمُوَفَّقِ بِالْمَسِيرِ إلى بغداد فلم يقبل فقويت عِلَّتُهُ ثُمَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَافِيَةِ فِي شَعْبَانَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، فَنَهَضَ مُسْرِعًا إِلَى الْحِصَارِ فَوَجَدَ الْخَبِيثَ قَدْ رَمَّمَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ الْمُوَفَّقُ قَدْ خَرَّبَهُ وَهَدَمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>