للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ. قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قال أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ. ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ ٢٧: ٢٩- ٣٧ يَذْكُرُ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ سُلَيْمَانَ وَالْهُدْهُدِ وَذَلِكَ أَنَّ الطُّيُورَ كَانَ عَلَى كُلِّ صنف منها مقدمون يقدمون بِمَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ وَيَحْضُرُونَ عِنْدَهُ بِالنَّوْبَةِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْجُنُودِ مَعَ الْمُلُوكِ وَكَانَتْ وَظِيفَةُ الْهُدْهُدِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَعْوَزُوا الْمَاءَ فِي الْقِفَارِ فِي حَالِ الْأَسْفَارِ يَجِيءُ فَيَنْظُرُ لَهُمْ هَلْ بِهَذِهِ الْبِقَاعِ مِنْ مَاءٍ وَفِيهِ مِنَ الْقُوَّةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمَاءِ تَحْتَ تُخُومِ الْأَرْضِ فَإِذَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ حَفَرُوا عَنْهُ وَاسْتَنْبَطُوهُ وَأَخْرَجُوهُ وَاسْتَعْمَلُوهُ لِحَاجَتِهِمْ فَلَمَّا تَطَلَّبَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَدَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ مَحَلِّ خِدْمَتِهِ (فَقالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ من الْغائِبِينَ) ٢٧: ٢٠ أي ما له مفقود مِنْ هَاهُنَا أَوْ قَدْ غَابَ عَنْ بَصَرِي فلا أراه بحضرتي (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) ٢٧: ٢١ تَوَعَّدَهُ بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهِ وَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) ٢٧: ٢١ أَيْ بِحُجَّةٍ تُنْجِيهِ مِنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ. قَالَ الله تعالى (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ) ٢٧: ٢٢ أَيْ فَغَابَ الْهُدْهُدُ غَيْبَةً لَيْسَتْ بِطَوِيلَةٍ ثُمَّ قَدِمَ مِنْهَا (فَقَالَ) لِسُلَيْمَانَ (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ به) ٢٧: ٢٢ أَيِ اطَّلَعْتُ عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ (وَجِئْتُكَ من سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) ٢٧: ٢٢ أَيْ بِخَبَرٍ صَادِقٍ (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) ٢٧: ٢٣ يَذْكُرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مُلُوكُ سَبَأٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ مِنَ الْمَمْلَكَةِ الْعَظِيمَةِ وَالتَّبَابِعَةِ الْمُتَوَّجِينَ وَكَانَ الْمُلْكُ قَدْ آلَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْهُمُ ابْنَةُ مَلِكِهِمْ لَمْ يُخْلِفْ غَيْرَهَا فَمَلَّكُوهَا عَلَيْهِمْ.

وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْمَهَا مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَبِيهَا رَجُلًا فَعَمَّ بِهِ الْفَسَادُ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تَخْطُبُهُ فَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ سَقَتْهُ خَمْرًا ثُمَّ حَزَّتْ رَأْسَهُ وَنَصَبَتْهُ عَلَى بَابِهَا فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا وَمَلَّكُوهَا عليهم وهي بلقيس بنت السيرح وهو الهدهاد. وقيل شراحيل بن ذي جدن بن السيرح بن الحرث بن قيس ابن صَيْفِيِّ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ وَكَانَ أَبُوهَا مِنْ أَكَابِرِ الْمُلُوكِ وكان يأبى أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَيُقَالُ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْجِنِّ اسْمُهَا رَيْحَانَةُ بِنْتُ السكن فولدت له هذه المرأة واسمها تلقمة وَيُقَالُ لَهَا بَلْقِيسُ. وَقَدْ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَحَدَ أَبَوَيْ بَلْقِيسَ جِنِّيًّا. وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قَبْحُونَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جُرْجَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي اللَّيْثِ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ ذُكِرَتْ بلقيس

<<  <  ج: ص:  >  >>