للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ترجى البقاء في معدن الموت ... وَدَارٍ حُتُوفُهَا لَكِ وِرْدُ

كَيْفَ يَهْوَى امْرُؤٌ لذاذة أيام ... أنفاسها عليه فيها تعد

[خلافة المعتضد]

أمير المؤمنين أبى العباس أحمد بن أحمد الموفق بن جعفر المتوكل، كان من خيار خلفاء بنى العباس ورجالهم. بويع له بالخلافة صبيحة موت المعتمد لعشر بقين من رجب منها وقد كان أمر الخلافة دائرا فأحياه الله على يديه بعد له وشهامته وجرأته، وَاسْتَوْزَرَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ وَهْبٍ وَوَلَّى مَوْلَاهُ بَدْرًا الشُّرْطَةَ فِي بَغْدَادَ، وَجَاءَتْهُ هدايا عمر وبن اللَّيْثِ وَسَأَلَ مِنْهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَاللِّوَاءِ فنصبه عمرو فِي دَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَرَحًا وَسُرُورًا بِذَلِكَ، وَعَزَلَ رَافِعَ بْنَ هَرْثَمَةَ عَنْ إِمْرَةِ خُرَاسَانَ وَدَخَلَهَا عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ فَلَمْ يَزَلْ يَتَّبِعُ رَافِعًا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ حَتَّى قَتَلَهُ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ كَمَا سَيَأْتِي، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُعْتَضِدِ وَصَفَتْ إِمْرَةُ خُرَاسَانَ لِعَمْرِو. وفيها قدم الحسين بن عبد الله المعروف بالجصاص مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِهَدَايَا عَظِيمَةٍ مِنْ خُمَارَوَيْهِ إلى المعتضد فَتَزَوَّجَ الْمُعْتَضِدُ بِابْنَةِ خُمَارَوَيْهِ فَجَهَّزَهَا أَبُوهَا بِجِهَازٍ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ كَانَ في جهازها مائة هاون من ذهب، فَحُمِلَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ إِلَى دار الخلافة ببغداد صحبة العروس، وكان وقتا مشهودا. وفيها تَمَلَّكَ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الشَّيْخِ قَلْعَةَ مَارْدِينَ وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لِإِسْحَاقَ بْنِ كِنْدَاجَ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسِيُّ وهي آخر حجة حجها بالناس، وقد كان يَحُجُّ بِالنَّاسِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ إلى هذه السنة.

وفيها توفى من الأعيان أحمد أمير المؤمنين المعتمد. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ. وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ خَيْثَمَةَ صَاحِبُ التَّارِيخِ وَغَيْرِهِ. سَمِعَ أَبَا نُعَيْمٍ. وَعَفَّانَ وَأَخَذَ عِلْمَ الْحَدِيثِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعِلْمَ النَّسَبِ عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ، وَأَيَّامَ النَّاسِ عَنْ أبى الحسن على بن محمد المدائني. وعلم الْأَدَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْجُمَحِيِّ. وَكَانَ ثقة حافظا ضابطا مشهورا، وفي تاريخه فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ وَفَرَائِدُ غَزِيرَةٌ. رَوَى عَنْهُ الْبَغَوِيُّ وابن صاعد وابن أبى داود بن المنادي. توفى في جمادى الأولى منها عن أربع وتسعين سنة. وَخَاقَانُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ، كَانَتْ لَهُ أحوال وكرامات.

التِّرْمِذِيُّ

وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الضَّحَّاكِ، وَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَوْرَةَ بْنِ السَّكَنِ، وَيُقَالُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ شداد بن عيسى السلمي الترمذي الضرير، يقال إِنَّهُ وُلِدَ أَكْمَهَ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْمَشْهُورَةُ، مِنْهَا الجامع، والشمائل، وأسماء الصَّحَابَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَكِتَابُ الْجَامِعِ أَحَدُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْعُلَمَاءُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>