فِيهَا وَقَفَ الْمُقْتَدِرُ باللَّه أَمْوَالًا جَزِيلَةً وَضِيَاعًا عَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَاسْتَدْعَى بِالْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا وَقَفَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَفِيهَا قُدِمَ إِلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْأُسَارَى مِنَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ كَانُوا قد اعتدوا على الحجيج، فلم يتمالك العامة أن اعتدوا عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ، فَأُخِذَ بَعْضُهُمْ فَعُوقِبَ لِكَوْنِهِ افْتَاتَ عَلَى السُّلْطَانِ. وَفِيهَا وَقَعَ حَرِيقٌ شَدِيدٌ فِي سُوقِ النَّجَّارِينَ بِبَغْدَادَ فَأَحْرَقَ السُّوقَ بِكَمَالِهِ، وَفِي ذي الحجة منها مرض المقتدر ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَمْ يَمْرَضْ فِي خِلَافَتِهِ مَعَ طُولِهَا إِلَّا هَذِهِ الْمَرْضَةَ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فيها الفضل الهاشمي، ولما خاف الوزير على الحجاج القرامطة كتب إليهم رسالة ليشغلهم بها، فَاتَّهَمَهُ بَعْضُ الْكُتَّابِ بِمُرَاسِلَتِهِ الْقَرَامِطَةَ، فَلَمَّا انْكَشَفَ أمره وما قصده حظي بذلك عند الناس جدا.