للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو العباس بن القاضي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ

الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، تِلْمِيذُ ابْنِ سُرَيْجٍ، لَهُ كِتَابُ التَّلْخِيصِ وَكِتَابُ الْمِفْتَاحِ، وَهُوَ مُخْتَصَرٌ شَرَحَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحسين، وأبو عبد الله السِّنْجِيُّ أَيْضًا، وَكَانَ أَبُوهُ يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ الْأَخْبَارَ وَالْآثَارَ، وَأَمَّا هُوَ فَتَوَلَّى قَضَاءَ طَرَسُوسَ وكان يعظ الناس أيضا، فحصل له مرة خشوع فسقط مغشيا عليه فمات في هذه السنة

[ثم دخلت سنة ست وثلاثين وثلاثمائة]

فيها خرج معز الدولة والخليفة المطيع للَّه مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَاسْتَنْقَذَاهَا مِنْ يَدِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْبَرِيدِيِّ، وَهَرَبَ هُوَ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَاسْتَوْلَى مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَلَى الْبَصْرَةِ وَبَعَثَ يَتَهَدَّدُ الْقَرَامِطَةَ وَيَتَوَعَّدُهُمْ بِأَخْذِ بِلَادِهِمْ، وَزَادَ في إقطاع الخليفة ضياعا تعمل في كل سنة مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ سَارَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ لِتَلَقِّي أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ بِالْأَهْوَازِ فَقَبَّلَ الْأَرْضَ بين يدي أخيه وقام بين يديه مقاما طويلا فأمره بالجلوس فلم يفعل. ثم عاد إلى بغداد صحبة الخليفة فتمهدت الأمور جيدا. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَحْوَذَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ عَلَى بلاد طبرستان وجرجان مِنْ يَدِ وُشْمَكِيرَ أَخِي مَرْدَاوِيجَ مَلِكِ الدَّيْلَمِ، فذهب وشمكير إلى خراسان يستنجد بصاحبها كما سيأتي.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.

أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي

أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، سَمِعَ جَدَّهُ وَعَبَّاسًا الدُّورِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ.

وَكَانَ ثِقَةً أَمِينًا حُجَّةً صَادِقًا، صَنَّفَ كَثِيرًا وَجَمَعَ عُلُومًا جَمَّةً، وَلَمْ يَسْمَعِ النَّاسُ مِنْهَا إِلَّا الْيَسِيرَ، وَذَلِكَ لِشَرَاسَةِ أَخْلَاقِهِ. وَآخِرُ مَنْ رَوَى عنه محمد بن فارس اللغوي، ونقل ابن الجوزي عن أبى يوسف القدسي أَنَّهُ قَالَ: صَنَّفَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ أَرْبَعَمِائَةِ كِتَابٍ، وَنَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ كِتَابًا وَلَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِ حَشْوٌ، بَلْ هُوَ نَقِيُّ الْكَلَامِ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمَنْ وَقَفَ عَلَى مُصَنَّفَاتِهِ عَلِمَ فَضْلَهُ وَاطِّلَاعَهُ وَوَقَفَ عَلَى فَوَائِدَ لَا توجد في غيره كتبه. توفى فِي مُحَرَّمٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانِينَ سنة.

[الصولي محمد بن عبد الله بن العباس]

ابن مُحَمَّدِ بْنِ صُولٍ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ، كَانَ أحد العلماء بفنون الأدب وحسن الْمَعْرِفَةِ بِأَخْبَارِ الْمُلُوكِ، وَأَيَّامِ الْخُلَفَاءِ وَمَآثِرِ الْأَشْرَافِ وَطَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ. رَوَى عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ وَالْمُبَرِّدِ وَثَعْلَبٍ وَأَبِي الْعَيْنَاءِ وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ وَاسِعَ الرِّوَايَةِ جَيِّدَ الْحِفْظِ حَاذِقًا بِتَصْنِيفِ الْكُتُبِ. وَلَهُ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ هَائِلَةٌ، وَنَادَمَ جَمَاعَةً مِنَ الْخُلَفَاءِ، وَحَظِيَ عِنْدَهُمْ، وَكَانَ جَدُّهُ صُولٌ وَأَهْلُهُ مُلُوكًا بجرجان، ثم كان أولاده من كبار الْكُتَّابِ، وَكَانَ الصُّولِيُّ هَذَا جَيِّدَ الِاعْتِقَادِ حَسَنَ الطَّرِيقَةِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الدار قطنى وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ وَمِنْ شَعْرِهِ قَوْلُهُ:

أَحْبَبْتُ مِنْ أَجْلِهِ مَنْ كَانَ يُشْبِهُهُ ... وَكُلُّ شَيْءٍ من المعشوق معشوق

<<  <  ج: ص:  >  >>