كَانَتْ لَهُ نِعْمَةٌ وَثَرْوَةٌ عَظِيمَةٌ تقارب أبهة الوزارة، فَاجْتَازَ يَوْمًا وَهُوَ رَاكِبٌ فِي مَوْكِبٍ لَهُ عَظِيمٍ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ من الْحَقِّ) ٥٧: ١٦ فَصَاحَ: اللَّهمّ بَلَى، وَكَرَّرَهَا دَفَعَاتٍ ثُمَّ بَكَى ثم نزل عن دابته ونزع ثيابه وطرحها ودخل دِجْلَةَ فَاسْتَتَرَ بِالْمَاءِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى فرق جميع أمواله فِي الْمَظَالِمِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ، وَرَدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي وَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ بالكلية، فاجتاز به رجل فتصدق عليه بئوبين فَلَبِسَهُمَا وَخَرَجَ فَانْقَطَعَ إِلَى الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ حَتَّى مات رحمه الله:
[أبو على الحافظ]
ابن عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ دَاوُدَ أَبُو عَلِيٍّ الحافظ النيسابورىّ، أحد أئمة الحفاظ المتقنين المصنفين. قال الدار قطنى: كَانَ إِمَامًا مُهَذَّبًا، وَكَانَ ابْنُ عُقْدَةَ لَا يتواضع لأحد كتواضعه له. توفى في جمادى الآخرة عن اثنتين وخمسين سنة.