للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَئِنْ ضَاقَ عَنِّي عَفْوُكَ الْوَاسِعُ الَّذِي ... أَرَجِّي لِإِسْرَافِي فَإِنِّي تَالِفُ

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وأربعمائة

فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ غُرَّةِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا جلس الخليفة القادر في أبهة الخلافة وأحضر بين يديه سلطان الدولة والحجبة، فخلع عليه سبع خلع على العادة، وعممه بعمامة سوداء، وقلد سيفا وتاجا مرصعا، وسوارين وطوقا، وعقد له لواءين بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ سَيْفًا وَقَالَ لِلْخَادِمِ: قَلِّدْهُ به، فهو شرف له ولعقبه، يفتح شَرْقَ الْأَرْضِ وَغَرْبَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمًا مَشْهُودًا، حضره القضاة والأمراء والوزراء.

وَفِيهَا غَزَا مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ فَفَتَحَ وَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ، وَسَلِمَ، وَكَتَبَ إِلَى الخليفة أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَمْلَكَةِ خُرَاسَانَ وغيرها من البلاد، فأجابه إلى ما سأل. وَفِيهَا عَاثَتْ بَنُو خَفَاجَةَ بِبِلَادِ الْكُوفَةِ فَبَرَزَ إليهم نائبها أبو الحسن بن مزيد فقتل منهم خلقا وأسر محمد بن يمان وَجَمَاعَةً مِنْ رُءُوسِهِمْ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عليهم ريحا حارة فأهلك منهم خمسمائة إنسان. وحج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسن الأفساسى.

[وفيها توفى من الأعيان]

[الحسن بن أحمد]

ابن جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَغْدَادِيِّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا كَثِيرَ الْمُجَاهَدَةِ، لَا يَنَامُ إِلَّا عَنْ غَلَبَةٍ، وَكَانَ لَا يدخل الحمام ولا يغسل ثيابه إلا بماء، وجده الْحُسَيْنُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ أَبُو عَبْدِ الله المقري الضَّرِيرُ الْمُجَاهِدِيُّ، قَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ الْقُرْآنَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أصحابه، توفى في جمادى الأولى منها، وَقَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ سَنَةٍ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الزرادين.

عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ

أَحَدُ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ، صَنَّفَ لِلْقَادِرِ باللَّه الرَّدَّ عَلَى الْبَاطِنِيَّةِ فَأَجْرَى عَلَيْهِ جِرَايَةً سَنِيَّةً، وَكَانَ يَسْكُنُ دَرْبَ رَبَاحٍ، تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.

ثُمَّ دخلت سنة خمس وأربعمائة

فِيهَا مَنَعَ الْحَاكِمُ صَاحِبُ مِصْرَ النِّسَاءَ مِنَ الخروج من منازلهم، أو أن يطلعن من الأسطحة أو من الطاقات، ومنع الخفافين من عمل الخفاف لَهُنَّ، وَمَنَعَهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَمَّامَاتِ، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنَ النِّسَاءِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فِي ذَلِكَ، وعدم بعض الحمامات عليهنّ، وجهز نساء عجائز كثيرة يستعلمن أحوال النساء لمن يعشقن أو يعشقهن، بِأَسْمَائِهِنَّ وَأَسْمَاءِ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُنَّ، فَمَنْ وُجِدَ منهن كذلك أطفأها وأهلكها، ثم إنه أكثر من الدوران بنفسه ليلا ونهارا فِي الْبَلَدِ، فِي طَلَبِ ذَلِكَ، وَغَرَّقَ خَلْقًا من الرجال والنساء والصبيان ممن يطلع على فسقهم، فضاق الحال واشتد على النساء، وعلى الفساق ذلك، ولم يتمكن أحد منهن أَنْ يَصِلَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا نَادِرًا، حَتَّى أن امرأة كانت عاشقة لرجل عشقا قويا كادت أن تهلك بسببه، لما حيل بينهما وبينه، فوقفت لقاضى القضاة وهو مالك بن سعد الفارقيّ وحلفته بحق

<<  <  ج: ص:  >  >>