للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها كان بمكة رخص لم يسمع بمثله، بيع التمر والبر كُلُّ مِائَتَيْ رِطْلٍ بِدِينَارٍ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ من أهل العراق فيها

ترجمة أرسلان أبو الحارث الْبَسَاسِيرِيُّ التُّرْكِيُّ

كَانَ مِنْ مَمَالِيكِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ أَوَّلًا مَمْلُوكًا لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَدِينَةِ بَسَا، فَنُسِبَ إِلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ الْبَسَاسِيرِيُّ، وَتَلَقَّبَ بالملك المظفر، ثُمَّ كَانَ مُقَدَّمًا كَبِيرًا عِنْدَ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ الْعِرَاقِ كُلِّهَا، ثُمَّ طَغَى وبغى وتمرد، وعنا وخرج على الخليفة والمسلمين ودعا إلى خلافة الفاطميين، ثم انقضى أجله في هذه السنة، وكان دخوله إلى بغداد بأهله فِي سَادِسِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وأربعمائة، ثم اتفق خروجهم منها فِي سَادِسِ ذِي الْقَعْدَةِ أَيْضًا مِنْ سَنَةِ إحدى وخمسين، بعد سنة كَامِلَةٍ، ثُمَّ كَانَ خُرُوجُ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَغْدَادَ في يوم الثلاثاء الثاني عَشَرَ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ،

وَاتَّفَقَ قَتْلُ

الْبَسَاسِيرِيِّ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ، بَعْدَ سَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ، وَذَلِكَ فِي ذِي الحجة منها.

[الحسن بن الفضل]

أبو على الشرمقانى المؤدب المقري الحافظ للقرآن والقراءات، وَاخْتِلَافِهَا، كَانَ ضَيِّقَ الْحَالِ فَرَآهُ شَيْخُهُ ابْنُ الْعَلَّافِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ يَأْخُذُ أَوْرَاقَ الْخَسِّ من دجلة ويأكلها، فأعلم ابن المسلمة بحاله، فأرسل ابن المسلمة غلاما له وأمره أن يذهب إلى الخزانة التي له بِمَسْجِدِهِ فَيَتَّخِذَ لَهَا مِفْتَاحًا غَيْرَ مِفْتَاحِهِ، ثُمَّ كان كل يوم يضع فيها ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ مِنْ خُبْزِ السَّمِيدِ، وَدَجَاجَةً، وَحَلَاوَةَ السكر، فَظَنَّ أَبُو عَلِيٍّ الشَّرْمَقَانِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَرَامَةٌ أكرمه الله بها، وأن هذا الطعام الّذي يجده في خزانته مِنَ الْجَنَّةِ، فَكَتَمَهُ زَمَانًا وَجَعَلَ يُنْشِدُ:

مَنْ أَطْلَعُوهُ عَلَى سِرٍّ فَبَاحَ بِهِ ... لَمْ يَأْمَنُوهُ على الأسرار ما عاشا

وأبعدوه فلم يظفر بقربهم ... وأبدلوه فكان الأنس إيحاشا

فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ ذَاكَرَهُ ابْنُ العلاف في أمره، وقال له فيما قال: أَرَاكَ قَدْ سَمِنْتَ فَمَا هَذَا الْأَمْرُ، وَأَنْتَ رَجُلٌ فَقِيرٌ؟ فَجَعَلَ يُلَوِّحُ وَلَا يُصَرِّحُ، وَيُكَنِّي ولا يفصح، ثم ألح عليه فأخبره أَنَّهُ يَجِدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي خِزَانَتِهِ مِنْ طعام الجنة ما يكفيه، وأن هذا كرامة أكرمه الله بها، فَقَالَ لَهُ: ادْعُ لِابْنِ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّهُ الَّذِي يفعل ذلك، وشرح له صورة الحال، فكسره ذلك ولم يعجبه.

[على بن محمود بن إبراهيم بن ماجره]

أبو الحسن الروزنى، شيخ الصوفية، وإليه ينسب الرباط الروزنى، وقد كان بنى لأبى الحسن شَيْخِهِ، وَقَدْ صَحِبَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، وَقَالَ: صَحِبْتُ أَلْفَ شَيْخٍ، وَأَحْفَظُ عَنْ كُلِّ شَيْخٍ حِكَايَةً تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ عَنْ خَمْسٍ وثمانين سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>