للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَفِي هَذَا الشَّهْرِ انْجَفَلَ أَهْلُ السَّوَادِ مِنْ شِدَّةِ الْوَبَاءِ وَقِلَّةِ مَاءِ دِجْلَةَ وَنَقْصِهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ الْحُسَيْنِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَأَخَذَ الْبَيْعَةَ لِلْخَلِيفَةِ المقتدى بالحرمين.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.

الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ

عَبْدُ اللَّهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا شَيْئًا من ترجمته عند وفاته.

الدَّاوُدِيُّ

رَاوِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ، أَبُو الْحَسَنِ، بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الدَّاوُدِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَتَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ، وَصَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، وَكَتَبَ الْكَثِيرَ وَدَرَّسَ وَأَفْتَى وَصَنَّفَ، وَوَعَظَ النَّاسَ. وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ كَثِيرَ الذِّكْرِ، لَا يَفْتُرُ لِسَانُهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، دخل يوما عليه الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ:

إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَكَ عَلَى عِبَادِهِ فَانْظُرْ كَيْفَ تُجِيبُهُ إِذَا سَأَلَكَ عَنْهُمْ. وكانت وفاته بيوشح فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ. وَمِنْ شعره الجيد القوى قوله:

كان في الاجتماع بالناس نور ... ذهب النُّورُ وَادْلَهَمَّ الظَّلَامُ

فَسَدَ النَّاسُ وَالزَّمَانُ جَمِيعًا ... فَعَلَى النَّاسِ وَالزَّمَانِ السَّلَامُ

أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن الحسن

ابن عَلِيِّ بْنِ أَبِي الطَّيِّبِ الْبَاخَرْزِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، اشْتَغَلَ أَوَّلًا عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ ثم ترك ذلك وعمد إِلَى الْكِتَابَةِ وَالشِّعْرِ، فَفَاقَ أَقْرَانَهُ، وَلَهُ دِيوَانٌ مشهور فمنه:

وَإِنِّي لَأَشْكُو لَسْعَ أَصْدَاغِكِ الَّتِي ... عَقَارِبُهَا فِي وجنتيك نجوم

وَأَبْكِي لِدُرِّ الثَّغْرِ مِنْكِ وَلِي أَبٌ ... فَكَيْفَ نديم الضَّحِكَ وَهْوَ يَتِيمُ

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وستين وأربعمائة

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: جَاءَ جَرَادٌ فِي شَعْبَانَ بعدد الرمل والحصا، فأكل الغلات وآذى النَّاسِ، وَجَاعُوا فَطُحِنَ الْخَرُّوبُ بِدَقِيقِ الدُّخْنِ فَأَكَلُوهُ، وَوَقَعَ الْوَبَاءُ، ثُمَّ مَنَعَ اللَّهُ الْجَرَادَ مِنَ الْفَسَادِ، وَكَانَ يَمُرُّ وَلَا يَضُرُّ، فَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ. قَالَ: وَوَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِدِمَشْقَ وَاسْتَمَرَّ ثَلَاثَ سنين. وفيها ملك نصر ابن مَحْمُودِ بْنِ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ مَدِينَةَ مَنْبِجَ، وأجلى عنها الروم وللَّه الحمد والمنة في ذي القعدة منها.

وفيها ملك الاقسيس مدينة دمشق، وانهزم عنها المعلى بن حيدر نَائِبُ الْمُسْتَنْصِرِ الْعُبَيْدِيُّ إِلَى مَدِينَةِ بَانْيَاسَ، وَخُطِبَ فِيهَا لِلْمُقْتَدِي، وَقُطِعَتْ خُطْبَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهَا إِلَى الآن وللَّه الحمد والمنة. فَاسْتَدْعَى الْمُسْتَنْصِرُ نَائِبَهُ فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ مات في السجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>