فيها كانت الحرب بين فخر الدولة بن جهير وزير الخليفة وَبَيْنَ ابْنِ مَرْوَانَ صَاحِبِ دِيَارِ بِكْرٍ، فَاسْتَوْلَى ابْنُ جَهِيرٍ عَلَى مُلْكِ الْعَرَبِ وَسَبَى حَرِيمَهُمْ وَأَخَذَ الْبِلَادَ وَمَعَهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ بْنُ منصور ابن دُبَيْسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ، فَافْتَدَى خَلْقًا مِنَ الْعَرَبِ فَشَكَرَهُ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ، وامتدحه الشعراء. وَفِيهَا بَعَثَ السُّلْطَانُ عَمِيدَ الدَّوْلَةِ ابْنَ جَهِيرٍ في عسكر كثيف ومعه قسيم الدولة آقسنقر جد بنى أتابك ملوك الشام والموصل، فسارا إلى الموصل فملكوها. وفي شعبان منها مَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ قُتْلُمُشَ أَنْطَاكِيَةَ، فَأَرَادَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ مُسْلِمُ بْنُ قُرَيْشٍ أَنْ يَسْتَنْقِذَهَا مِنْهُ، فَهَزَمَهُ سُلَيْمَانُ وَقَتَلَهُ، وَكَانَ مُسْلِمٌ هَذَا مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ سِيرَةً، لَهُ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ وَالٍ وَقَاضٍ وَصَاحِبُ خَبَرٍ، وَكَانَ يَمْلِكُ مِنَ السِّنْدِيَّةِ إِلَى مَنْبِجَ.
وَوَلِيَ بَعْدَهُ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُرَيْشٍ، وَكَانَ مَسْجُونًا مِنْ سِنِينَ فَأُطْلِقَ وملك. وفيها ولد السلطان سنجر بن ملك شاه فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ بِسِنْجَارَ. وَفِيهَا عَصَى تُكَشُ أَخُو السُّلْطَانِ فَأَخَذَهُ السُّلْطَانُ فَسَمَلَهُ وَسَجَنَهُ. وحج بالناس في هذه السنة الأمير جماز بكير الْحَسَنَانِيُّ، وَذَلِكَ لِشَكْوَى النَّاسِ مِنْ شِدَّةِ سَيْرِ جنفل بهم، وأخذ المكوسات منهم، سافر مرة من الكوفة إلى مكة في سبعة عشر يوما.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
أَحْمَدُ بْنُ محمد بن دوبست
أَبُو سَعْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ، لَهُ رِبَاطٌ بِمَدِينَةِ نَيْسَابُورَ يَدْخُلُ مِنْ بَابِهِ الْجَمَلُ بِرَاكِبِهِ، وحج مرات على التجريد على البحرين، حين انقطعت طريق مكة، وكان يَأْخُذُ جَمَاعَةً مِنَ الْفُقَرَاءِ وَيَتَوَصَّلُ مِنْ قَبَائِلِ العرب حتى يأتى مَكَّةَ، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ، رحمه الله وإيانا، وَأَوْصَى أَنْ يَخْلُفَهُ وَلَدُهُ إِسْمَاعِيلُ فَأُجْلِسَ فِي مشيخة الرِّبَاطِ.