للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُحْصَى قِيمَتُهُ، وَقَدْ أَحَاطَ بِالْمِحَفَّةِ مِائَتَا جَارِيَةٍ تركية، بالمراكب المزينة العجيبة مما يَبْهَرْنَ الْأَبْصَارَ، فَدَخَلَتْ دَارَ الْخِلَافَةِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَقَدْ زُيِّنَ الْحَرِيمُ الطَّاهِرُ وَأُشْعِلَتْ فِيهِ الشُّمُوعُ، وَكَانَتْ لَيْلَةً مَشْهُودَةً لِلْخَلِيفَةِ، هَائِلَةً جِدًّا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَحْضَرَ الْخَلِيفَةُ أُمَرَاءَ السُّلْطَانِ وَمَدَّ سِمَاطًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، عَمَّ الْحَاضِرِينَ وَالْغَائِبِينَ، وَخَلَعَ عَلَى الْخَاتُونَ زَوْجَةِ السُّلْطَانِ أم العروس، وكان أيضا يَوْمًا مَشْهُودًا، وَكَانَ السُّلْطَانُ مُتَغَيِّبًا فِي الصَّيْدِ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَكَانَ الدُّخُولُ بِهَا في أول السنة، ولدت مِنَ الْخَلِيفَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَلَدًا ذَكَرًا زينت له بغداد. وفيها ولد للسلطان ملك شاه وَلَدٌ سَمَّاهُ مَحْمُودًا، وَهُوَ الَّذِي مَلَكَ بَعْدَهُ. وَفِيهَا جَعَلَ السُّلْطَانُ وَلَدَهُ أَبَا شُجَاعٍ أَحْمَدَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَقَّبُهُ مَلِكَ الْمُلُوكِ، عَضُدَ الدَّوْلَةِ، وَتَاجَ الْمِلَّةِ، عُدَّةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وخطب له بذلك على المنابر، وَنُثِرَ الذَّهَبُ عَلَى الْخُطَبَاءِ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ. وفيها شرع في بناء التاجية في باب أبرز وعملت بستان وَغُرِسَتِ النَّخِيلُ وَالْفَوَاكِهُ هُنَالِكَ وَعُمِلَ سُورٌ بِأَمْرِ السلطان، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.

إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبراهيم

ابن موسى بن سعيد، أبو القاسم النيسابورىّ، رَحَلَ فِي الْحَدِيثِ إِلَى الْآفَاقِ حَتَّى جَاوَزَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَ لَهُ حَظٌّ وَافِرٌ فِي الْأَدَبِ، وَمَعْرِفَةِ الْعَرَبِيَّةِ، تُوُفِّيَ بِنَيْسَابُورَ فِي جمادى الأولى منها.

طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَنْدَنِيجِيُّ

أَبُو الْوَفَا الشَّاعِرُ، لَهُ قَصِيدَتَانِ فِي مَدْحِ نِظَامِ الْمُلْكِ إِحْدَاهُمَا مُعْجَمَةٌ وَالْأُخْرَى غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ، أَوَّلُهَا:

لَامُوا وَلَوْ عَلِمُوا مَا اللَّوْمُ مَا لَامُوا ... وَرَدَّ لَوْمَهُمُ همّ وآلام

توفى بِبَلَدِهِ فِي رَمَضَانَ عَنْ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.

[محمد بن أمير المؤمنين المقتدى]

عَرَضَ لَهُ جُدَرِيٌّ فَمَاتَ فِيهَا وَلَهُ تِسْعُ سِنِينَ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَالنَّاسُ، وَجَلَسُوا لِلْعَزَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَقُولُ: إِنَّ لَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةً حَسَنَةً، حِينَ تُوُفِّيَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ٢: ١٥٦ ثم عزم على الناس فانصرفوا.

[محمد بن محمد بن زيد]

ابن عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيُّ، الْمُلَقَّبُ بِالْمُرْتَضَى ذِي الشَّرَفَيْنِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى الشُّيُوخِ، وَصَحِبَ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ الْخَطِيبَ، فَصَارَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِالْحَدِيثِ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ شَيْئًا مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ وَأَمْلَى الْحَدِيثَ بِأَصْبَهَانَ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى عَقْلٍ كَامِلٍ، وَفَضْلٍ وَمُرُوءَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ، وَأَمْلَاكٌ مُتَّسِعَةٌ، وَنِعْمَةٌ وَافِرَةٌ، يُقَالُ إِنَّهُ مَلَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>