للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَكَّنَ فِي أَيَّامِ الْمُسْتَنْصِرِ تَمَكُّنًا عَظِيمًا، وَدَارَتْ أَزِمَّةُ الْأُمُورِ عَلَى آرَائِهِ، وَفَتَحَ بِلَادًا كَثِيرَةً، وامتدت أيامه وَبَعُدَ صِيتُهُ وَامْتَدَحَتْهُ الشُّعَرَاءُ. ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْأَفْضَلُ

الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَدِي

وَقَدْ تَقَدَّمَ شيء من ترجمته.

[الخليفة المستنصر الفاطمي]

سعد أَبُو تَمِيمٍ مَعَدُّ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَاكِمِ، اسْتَمَرَّتْ أَيَّامُهُ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَمْ يَتَّفِقْ هَذَا لِخَلِيفَةٍ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَكَانَ قَدْ عَهِدَ بِالْأَمْرِ إِلَى وَلَدِهِ نِزَارٍ، فَخَلَعَهُ الْأَفْضَلُ بْنُ بَدْرٍ الْجَمَالِيُّ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ. وأمر الناس فبايعوا أَحْمَدَ بْنَ الْمُسْتَنْصِرِ أَخَاهُ، وَلَقَّبَهُ بِالْمُسْتَعْلِي، فَهَرَبَ نِزَارٌ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَجَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهِ فَبَايَعُوهُ، وَتَوَلَّى أَمْرَهُ قَاضِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ: جَلَالُ الدَّوْلَةِ بْنُ عمار، فقصده الأفضل فحاصره وقاتلهم نزار وهزمهم الأفضل وأسر القاضي ونزار، فقتل القاضي وحبس نزار بين حيطين حَتَّى مَاتَ، وَاسْتَقَرَّ الْمُسْتَعْلِي فِي الْخِلَافَةِ، وَعُمْرُهُ إِحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً.

مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ

أَمِيرُ مَكَّةَ، كَانَتْ وَفَاتُهُ فِيهَا عَنْ نَيِّفٍ وتسعين سنة.

[محمود بن السلطان ملك شاه]

كَانَتْ أُمُّهُ قَدْ عَقَدَتْ لَهُ الْمُلْكَ، وَأَنْفَقَتْ بسببه الأموال، فقاتله بركيارق فكسره، وَلَزِمَ بَلَدَهُ أَصْبَهَانَ، فَمَاتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ فَدُفِنَ بِهَا بِالتُّرْبَةِ النِّظَامِيَّةِ، كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَظْرَفِهِمْ شكلا، توفى في شوال منها، وماتت أمه الخاتون تركيان شاه في رمضان، فانحل نظامه، وكانت قد جمعت عليه العساكر، وأسندت أزمة أمور المملكة إليه، وملكت عشرة آلاف مملوك تركي، وأنفقت في ذلك قريبا من ثلاثة آلاف ألف دينار، فانحل النظام ولم تحصل على طائل، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وثمانين وأربعمائة

فيها قدم يوسف بن أبق التركماني من جهة تتش صاحب دمشق إلى بغداد لأجل إقامة الدعوى لَهُ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ تُتُشُ قَدْ تَوَجَّهَ لِقِتَالِ أَخِيهِ بِنَاحِيَةِ الرَّيِّ، فَلَّمَا دَخَلَ رَسُولُهُ بَغْدَادَ هَابُوهُ وَخَافُوهُ وَاسْتَدْعَاهُ الْخَلِيفَةُ فَقَرَّبَهُ وَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، وَتَأَهَّبَ أَهْلُ بَغْدَادَ لَهُ، وَخَافُوا أَنْ يَنْهَبَهُمْ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ قدم عليه رسول أخيه فَأَخْبَرَهُ أَنَّ تُتُشَ قُتِلَ فِي أَوَّلِ مَنْ قُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ بركيارق، وَاسْتَقَلَّ بِالْأُمُورِ. وَكَانَ دُقَاقُ بْنُ تُتُشَ مَعَ أبيه حين قتل، فسار إلى دمشق فملكها، وكان نائب أبيه عليها الأمير ساوتكين،

<<  <  ج: ص:  >  >>