للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

أَبُو الْفَتْحِ الْحَاكِمُ

سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَّقَ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ طَرِيقَهُ وَشَكَرَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ قَدْ تَفَقَّهَ أَوَّلًا عَلَى الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ، ثُمَّ تَفَقَّهَ وَعَلَّقَ عن إمام الحرمين في الأصول بحضرته، واستجادة وولى بلده مدة طويلة، وناظر، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَبَنَى لِلصُّوفِيَّةِ رِبَاطًا مِنْ مَالِهِ، وَلَزِمَ التَّعَبُّدَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.

[محمد بن أحمد]

ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَبُو منصور الحناط، أحد القراء والصلحاء، ختم ألوفا من الناس، وسمع الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَحِينَ تُوُفِّيَ اجْتَمَعَ الْعَالَمُ فِي جنازته اجتماعا لم يجتمع لغيره مثله، ولم يعهد له نظير في تلك الْأَزْمَانِ. وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ سَبْعًا وَتِسْعِينَ سنة رحمه الله، وقد رثاه الشعراء، وَرَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِتَعْلِيمِي الصِّبْيَانَ الْفَاتِحَةَ.

مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ

ابن الْحُسَيْنِ، أَبُو الْفَرَجِ الْبَصْرِيُّ قَاضِيهَا، سَمِعَ أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ وَالْمَاوَرْدِيَّ وَغَيْرَهُمَا، وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ عَابِدًا خَاشِعًا عِنْدَ الذِّكْرِ.

مُهَارِشُ بن مجلى

أمير العرب بحديثة غانة، وَهُوَ الَّذِي أُودِعَ عِنْدَهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ، حين كانت فتنة البساسيري، فَأَكْرَمَ الْخَلِيفَةَ حِينَ وَرَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَازَاهُ الخليفة الْجَزَاءَ الْأَوْفَى، وَكَانَ الْأَمِيرُ مُهَارِشٌ هَذَا كَثِيرَ الصدقة والصلاة، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خمسمائة من الهجرة

قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَنْ يُعْجِزَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ مِنْ نِصْفِ يوم» . حدثنا عمر وبن عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عبيد عن سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا أَنْ يُؤَخِّرَهَا نِصْفَ يَوْمٍ. قِيلَ لِسَعْدٍ: وَكَمْ نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ» . وَهَذَا مِنْ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ. وَذِكْرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا يَنْفِي زِيَادَةً عَلَيْهَا، كَمَا هو الواقع، لأنه عليه السلام ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا كَمَا أَخْبَرَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ. وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِيمَا بَعْدَ زَمَانِنَا، وباللَّه الْمُسْتَعَانُ.

وَمِمَّا وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْحَوَادِثِ أَنَّ السلطان محمد بن ملك شاه حَاصَرَ قِلَاعًا كَثِيرَةً مِنْ حُصُونِ الْبَاطِنِيَّةِ، فَافْتَتَحَ منها أماكن كثيرة، وقتل خلقا منهم، منها قَلْعَةً حَصِينَةً كَانَ أَبُوهُ قَدْ بَنَاهَا بِالْقُرْبِ مِنْ أَصْبَهَانَ، فِي رَأْسِ جَبَلٍ مَنِيعٍ هُنَاكَ، وَكَانَ سَبَبُ بِنَائِهِ لَهَا أَنَّهُ كَانَ مَرَّةً فِي بَعْضِ صُيُودِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>