للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَصَنَّفَ كُتُبًا فِي الْمَذْهَبِ، مِنْ ذَلِكَ الْبَحْرُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ حَافِلٌ كَامِلٌ شَامِلٌ لِلْغَرَائِبِ وَغَيْرِهَا، وَفِي الْمَثَلِ «حَدِّثْ عَنِ الْبَحْرِ وَلَا حَرَجَ» وَكَانَ يَقُولُ: لَوِ احْتَرَقَتْ كُتُبُ الشَّافِعِيِّ أَمْلَيْتُهَا مِنْ حِفْظِي، قُتِلَ ظُلْمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَامِعِ بطبرستان، قتله رجل من أهلها رحمه الله. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: أَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ نَاصِرٍ الْمَرْوَزِيِّ وَعَلَّقَ عَنْهُ، وَكَانَ لِلرُّويَانِيِّ الْجَاهُ الْعَظِيمُ، والحرمة الوافرة، وَقَدْ صَنَّفَ كُتُبًا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، مِنْهَا بَحْرُ الْمَذْهَبِ، وَكِتَابُ مَنَاصِيصِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَكِتَابُ الكافي، وحلية المؤمن، وله كتب في الخلاف أيضا.

[يحيى بن على]

ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ بِسْطَامٍ، الشَّيْبَانِيُّ التَّبْرِيزِيُّ، أَبُو زَكَرِيَّا، أَحَدُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ، قَرَأَ عَلَى أَبِي الْعَلَاءِ وَغَيْرِهِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم منصور بن الْجَوَالِيقِيِّ. قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: وَكَانَ ثِقَةً فِي النَّقْلِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْكَثِيرَةُ. وَقَالَ ابْنُ خَيْرُونَ: لَمْ يَكُنْ مَرْضِيَّ الطَّرِيقَةِ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشيرازي بباب أبرز والله أعلم.

[ثم دخلت سنة ثلاث وخمسمائة]

فيها أخذت الفرنج مَدِينَةَ طَرَابُلُسَ وَقَتَلُوا مَنْ فِيهَا مِنَ الرِّجَالِ، وَسَبَوُا الْحَرِيمَ وَالْأَطْفَالَ، وَغَنِمُوا الْأَمْتِعَةَ وَالْأَمْوَالَ، ثُمَّ أَخَذُوا مَدِينَةَ جَبَلَةَ بَعْدَهَا بِعَشْرِ لَيَالٍ، فَلَا حول ولا قوة إلا باللَّه الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ. وَقَدْ هَرَبَ مِنْهُمْ فَخْرُ الْمُلْكِ بْنُ عَمَّارٍ، فَقَصَدَ صَاحِبَ دِمَشْقَ طُغْتِكِينَ فَأَكْرَمَهُ وَأَقْطَعَهُ بِلَادًا كَثِيرَةً. وَفِيهَا وَثَبَ بَعْضُ الْبَاطِنِيَّةِ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي نَصْرِ بْنِ نِظَامِ الْمُلْكِ فَجَرَحَهُ ثُمَّ أُخِذَ الْبَاطِنِيُّ فَسُقِيَ الْخَمْرَ فَأَقَرَّ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ فَأُخِذُوا فَقُتِلُوا. وَحَجَّ بالناس الأمير قيماز.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.

أَحْمَدُ بْنُ على

ابن أحمد، أبو بكر العلويّ، كَانَ يَعْمَلُ فِي تَجْصِيصِ الْحِيطَانِ، وَلَا يَنْقُشُ صُورَةً، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا، وَكَانَتْ له أملاك ينتفع مِنْهَا وَيَتَقَوَّتُ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْقَاضِي أبى يعلى، وتفقه عليه بشيء مِنَ الْفِقْهِ، وَكَانَ إِذَا حَجَّ يَزُورُ الْقُبُورَ بِمَكَّةَ، فَإِذَا وَصَلَ إِلَى قَبْرِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ يَخُطُّ إِلَى جَانِبِهِ خَطًّا بِعَصَاهُ وَيَقُولُ يا رب هاهنا. فقيل أَنَّهُ حَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَوَقَفَ بِعَرَفَاتٍ مُحْرِمًا فَتُوفِّيَ بِهَا مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ وَطِيفَ بِهِ حَوْلَ الْبَيْتِ ثُمَّ دُفِنَ إِلَى جَانِبِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ فِي ذلك المكان الّذي كان يخطه بعصاه، وبلغ الناس وفاته ببغداد فاجتمعوا للصلاة عليه صلاة الغائب، حتى لو مات بين أظهرهم لم يكن عندهم مزيد على ذلك الجمع، رحمه الله.

[عمر بن عبد الكريم]

ابن سعدويه الفتيان الدهقاني، رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَدَارَ الدُّنْيَا، وَخَرَّجَ وانتخب، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>