للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلجوق، سلطان بِلَادَ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ الشَّاسِعَةِ. وَالْأَقَالِيمِ الْوَاسِعَةِ. كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ وأحسنهم سيرة، عادلا رحيما، سهل الأخلاق، محمود العشرة، وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ اسْتَدْعَى وَلَدَهُ مَحْمُودًا وَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى سَرِيرِ الْمَمْلَكَةِ، وَعُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَنَةً، فَجَلَسَ وَعَلَيْهِ التَّاجُ وَالسُّوَارَانِ وَحَكَمَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ صَرَفَ الْخَزَائِنَ إِلَى الْعَسَاكِرِ وكان فيها إحدى عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَاسْتَقَرَّ الْمُلْكُ لَهُ، وخطب له ببغداد وغيرها من البلاد، ومات السلطان محمد عن تسع وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأياما. وَفِيهَا وُلِدَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بن زنكي بن آقسنقر، صاحب حلب بدمشق.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.

الْقَاضِي الْمُرْتَضَى

أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْقَاسِمِ الشَّهْرَزُورِيُّ، وَالِدُ القاضي جمال الدين عَبْدِ اللَّهِ الشَّهْرَزُورِيِّ، قَاضِي دِمَشْقَ فِي أَيَّامِ نُورِ الدِّينِ، اشْتَغَلَ بِبَغْدَادَ وَتَفَقَّهَ بِهَا، وَكَانَ شافعيّ المذهب، بارعا دينا، حسن النظم، وله قصيدة في علم التصوف، وكان يتكلم على القلوب، أورد قصيدته بتمامها ابن خلكان لحسنها وفصاحتها، وأولها:

لمعت نارهم وقد عسعس الليل ... وَمَلَّ الْحَادِي وَحَارَ الدَّلِيلُ

فَتَأَمَّلْتُهَا وَفِكْرِي مِنَ البين ... عَلِيلٌ وَلَحْظُ عَيْنِي كَلِيلُ

وَفُؤَادِي ذَاكَ الْفُؤَادُ المعنى ... وغرامى ذاك الغرام الدخيل

وله

يَا لَيْلُ مَا جِئْتُكُمْ زَائِرًا ... إِلَّا وَجَدْتُ الْأَرْضَ تُطْوَى لِي

وَلَا ثَنَيْتُ الْعَزْمَ عَنْ بابكم ... إلا تعثرت باذيالى

وله

يا قلب إلى متى لَا يُفِيدُ النُّصْحُ ... دَعْ مَزْحَكَ كَمْ جَنَى عليك المزح

ما جارحة منك غذاها جرح ... ما تشعر بالخمار حتى تصحو

تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وزعم عماد الدين في الخريدة أنه توفى بعد العشرين وخمسمائة فاللَّه أعلم.

[محمد بن سعد]

ابن نَبْهَانَ، أَبُو عَلِيٍّ الْكَاتِبُ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَرَوَى وَعُمِّرَ مِائَةَ سَنَةٍ وَتَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَهُ شعر حسن، فمنه قوله في قصيدة له:

لي رزق قدره الله ... نعم ورزق أتوقاه

حَتَّى إِذَا اسْتَوْفَيْتُ مِنْهُ ... الَّذِي قُدِّرَ لِي لَا أَتَعَدَّاهُ

قَالَ كِرَامٌ كَنْتُ أَغْشَاهُمُ ... فِي مجلس كُنْتُ أَغْشَاهُ

صَارَ ابْنُ نَبْهَانَ إِلَى رَبِّهِ ... يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>