للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوقات، وظهر منه طاعة كثيرة، ثُمَّ مَرِضَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ بِبَغْدَادَ فَأَمَرَهُ الطَّبِيبُ بِالِانْتِقَالِ عَنْهَا إِلَى هَمَذَانَ، فَسَارَ فِي رَبِيعٍ الآخر فوضع شِحْنَكِيَّةِ بَغْدَادَ إِلَى عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِي، فَلَمَّا وصل السلطان إلى همذان بعث على شِحْنَكِيَّةِ بَغْدَادَ مُجَاهِدَ الدِّينِ بِهْرُوزَ، وَجَعَلَ إِلَيْهِ الْحِلَّةِ وَبَعَثَ عِمَادَ الدِّينِ زَنْكِي إِلَى الْمَوْصِلِ وأعمالها. وفيها درس الحسن بن سليمان بِالنِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ. وَفِيهَا وَرَدَ أَبُو الْفُتُوحِ الْإِسْفَرَايِينِيُّ فَوَعَظَ بِبَغْدَادَ، فَأَوْرَدَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مُنْكَرَةً جِدًّا، فَاسْتُتِيبَ مِنْهَا وَأُمِرَ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا فَشَدَّ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَكَابِرِ وَرَدُّوهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَوَقَعَ بِسَبَبِهِ فِتَنٌ كَثِيرَةٌ بين الناس، حتى رجمه بعض العامة بالأسواق، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يُطْلِقُ عِبَارَاتٍ لَا يُحْتَاجُ إِلَى إِيرَادِهَا، فَنَفَرَتْ مِنْهُ قُلُوبُ الْعَامَّةِ وَأَبْغَضُوهُ، وَجَلَسَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلِيُّ فَتَكَلَّمَ عَلَى النَّاسِ فَأَعْجَبَهُمْ، وَأَحَبُّوهُ وَتَرَكُوا ذَاكَ.

وَفِيهَا قَتَلَ السلطان سنجر من الباطنية اثنا عشر ألفا. وحج بالناس قطز الخادم.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك

ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْهَمَذَانِيُّ الْفَرَضِيُّ، صَاحِبُ التَّارِيخِ مَنْ بَيْتِ الحديث. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ طَعَنَ فِيهِ. تُوُفِّيَ فَجْأَةً فِي شَوَّالٍ، ودفن إلى جانب ابن شريح.

فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضْلُوَيْهِ

سَمِعَتِ الْخَطِيبَ وَابْنَ الْمُسْلِمَةِ وَغَيْرَهُمَا، وَكَانَتْ وَاعِظَةً لَهَا رِبَاطٌ تَجْتَمِعُ فِيهِ الزَّاهِدَاتُ، وَقَدْ سَمِعَ عَلَيْهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرَهُ.

أَبُو محمد عبد الله بن محمد

ابن السيد البطليوسي، ثم التنيسي صَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ فِي اللُّغَةِ وَغَيْرِهَا، جَمَعَ الْمُثَلَّثَ فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَزَادَ فِيهِ عَلَى قُطْرُبَ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، وَلَهُ شَرْحُ سَقْطِ الزَّنْدِ لِأَبِي الْعَلَاءِ، أَحْسَنُ مِنْ شَرْحِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ شَرْحُ أَدَبِ الْكَاتِبِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ، وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي أورده له ابن خلكان.

أَخُو الْعِلْمِ حَيٌّ خَالِدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ... وَأَوْصَالُهُ تَحْتَ التُّرَابِ رَمِيمُ

وَذُو الْجَهْلِ مَيْتٌ وَهُوَ مَاشٍ عَلَى الثَّرَى ... يُظَنُّ مِنَ الْأَحْيَاءِ وَهُوَ عديم

[ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة]

فِي أَوَّلِهَا قَدِمَ رَسُولُ سَنْجَرَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْأَلُ مِنْهُ أَنْ يُخْطَبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ بغداد، وكان يخطب له في كل جمعة بجامع المنصور. وفيها مات ابن صدقة وزير الخليفة، وجعل مكانه نَقِيبُ النُّقَبَاءِ. وَفِيهَا اجْتَمَعَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ بِعَمِّهِ سَنْجَرَ وَاصْطَلَحَا بَعْدَ خُشُونَةٍ، وَسَلَّمَ سَنْجَرُ دُبَيْسًا إلى السلطان مَحْمُودٍ عَلَى أَنْ يَسْتَرْضِيَ عَنْهُ الْخَلِيفَةَ وَيَعْزِلَ زنكي عن الموصل، وَيُسَلِّمَ ذَلِكَ إِلَى دُبَيْسٍ، وَاشْتَهَرَ فِي رَبِيعٍ الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>